وقال الشيخ الشنقيطى :
﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ (٤٣) ﴾
ذكر جل وعلا في هذه الآية الكريمة : أنه لم يرسل قبله ﷺ من الرسل إلا رجالاً، أي لا ملائكة. وذلك أن الكفار استغربوا جداً بعث الله رسلاً من البشر، وقالوا : الله أعظم من أن يرسل بشراً يأكل الطعام ويمشي في الأسواق. فلو كان مرسلاً أحداً حقاً لأرسل ملائكة كما بينه تعال في آيات كثيرة، كقوله :﴿ أَكَانَ لِلنَّاسِ عَجَباً أَنْ أَوْحَيْنَآ إلى رَجُلٍ مِّنْهُمْ أَنْ أَنذِرِ الناس ﴾ [ يونس : ٢ ]، وقوله :﴿ بَلْ عجبوا أَن جَآءَهُمْ مُّنذِرٌ ﴾ [ ق : ٢ ] الآية، وقوله :﴿ وَقَالُواْ مالِ هذَا الرَّسُولِ يَأْكُلُ الطعام وَيَمْشِي فِي الأسواق ﴾ [ الفرقان : ٧ ]، وقوله :﴿ وَمَا مَنَعَ الناس أَن يؤمنوا إِذْ جَآءَهُمُ الهدى إِلاَّ أَن قالوا أَبَعَثَ الله بَشَراً رَّسُولاً ﴾ [ الإسراء : ٩٤ ]، وقوله :﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بالبينات فقالوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُواْ وَتَوَلَّواْ واستغنى الله ﴾ [ التغابن : ٦ ] الآية، وقوله ﴿ أَبَشَراً مِّنَّا وَاحِداً نَّتَّبِعُهُ ﴾ [ القمر : ٢٤ ] الآية، وقوله :﴿ فَقَالَ الملأ الذين كَفَرُواْ مِن قَوْمِهِ مَا هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُرِيدُ أَن يَتَفَضَّلَ عَلَيْكُمْ وَلَوْ شَآءَ الله لأَنزَلَ مَلاَئِكَةً مَّا سَمِعْنَا بهذا في آبَآئِنَا الأولين ﴾ [ المؤمنون : ٢٤ ]، وقوله :﴿ وَقَالَ الملأ مِن قَوْمِهِ الذين كَفَرُواْ وَكَذَّبُواْ بِلِقَآءِ الآخرة وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الحياة الدنيا مَا هذا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ وَلَئِنْ أَطَعْتُمْ بَشَراً مِّثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذاً لَّخَاسِرُونَ ﴾ [ المؤمنون : ٣٣-٣٤ ]، وقوله { قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِي الله شَكٌّ فَاطِرِ السماوات والأرض يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرَكُمْ


الصفحة التالية
Icon