وقوله :﴿يَتَفَيَّؤُاْ ظلاله﴾ إخبار عن قوله :﴿شَيْء﴾ وليس بوصف له، ويتفيأ يتفعل من الفيء يقال : فاء الظل يفيء فيئاً إذا رجع وعاد بعد ما نسخه ضياء الشمس، وأصل الفيء الرجوع، ومنه فيء المولي وذكرنا ذلك في قوله تعالى :﴿فَإِن فاؤا فإن الله غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾ [ البقرة : ٢٢٦ ] وكذلك فيء المسلمين لما يعود على المسلمين من مال من خالف دينهم، ومنه قوله تعالى :﴿مَّا أَفَاء الله على رَسُولِهِ مِنْهُمْ﴾ [ الحشر : ٦ ] وأصل هذا كله من الرجوع.
إذا عرفت هذا فنقول : إذا عدي فاء فإنه يعدى إما بزيادة الهمزة إو بتضعيف العين.
أما التعدية بزيادة الهمزة كقوله :﴿مَّا أَفَاء الله﴾ وأما بتضعيف العين فكقوله فيأ الله الظل فتفيأ وتفيأ مطاوع فيأ.
قال الأزهري : تفيؤ الظلال رجوعها بعد انتصاف النهار، فالتفيؤ لا يكون إلا بالعشي بعدما انصرفت عنه الشمس والظل ما يكون بالغداة وهو ما لم تنله الشمس كمال قال الشاعر :
فلا الظل من برد الضحى تستطيعه.. ولا الفيء من برد العشي تذوق
قال ثعلب : أخبرت عن أبي عبيدة أن رؤبة قال : كل ما كانت عليه الشمس فزالت عنه فهو فيء وما لم يكن عليه الشمس فهو ظل، ومنهم من أنكر ذلك، فإن أبا زيد أنشد للنابغة الجعدي :
فسلام الإله يغدو عليهم.. وفيوء الغروس ذات الظلال


الصفحة التالية