الضمير في قوله ﴿ ويجعلون ﴾ للكفار، وقوله ﴿ لما لا يعلمون ﴾ يريد الأصنام، ومعناه لا يعلمون فيهم حجة ولا برهاناً، ويحتمل أن يريد بقوله :﴿ يعلمون ﴾ الأصنام، أي يجعلون لجمادات لا تعلم شيئاً ﴿ نصيباً ﴾، فالمفعول محذوف، ثم عبر عنهم بعبارة من يعقل بحسب مذهب الكفار الذين يسندون إليها ما يسند إلى من يعقل، وبحسب أنه إسناد منفي، وهذا كله ضعيف، و" النصيب " المشار إليه هو ما كانت العرب سنته من الذبح لأصنامها والإهداء إليها، والقسم لها من الغلات، ثم أمر الله تعالى نبيه عليه السلام، أن يقسم لهم أنهم سيسألون على افترائهم في أن تلك السنن هي الحق الذي أمر الله به كما قال بعضهم، و" الفرية " اختلاق الكذب وقوله ﴿ ويجعلون لله البنات ﴾ الآية، هذا تعديد لقبح قول الكفار : الملائكة بنات الله ورد عليهم من وجهين، أحدهما نسبة النسل إلى الله تعالى عن ذلك، والآخر أنهم نسبوا من النسل الأخس المكروه عندهم، و﴿ ما ﴾ في قوله ﴿ ما يشتهون ﴾ مرتفعة بالابتداء، والخبر في المجرور قبله، وأجاز الفراء أن تكون في موضع نصب عطفاً على ﴿ البنات ﴾، والبصريون لا يجيزون هذا لأنه من باب ضربتني، وكان يلزم عندهم أن يكون لأنفسهم ما يشتهون، والمراد بقوله ﴿ ما يشتهون ﴾ : الذكران من الأولاد، وقوله ﴿ وإذا بشر ﴾ لما صرح بالشيء المبشر به حسن ذكر البشارة فيه وإلا فالبشارة مطلقة لا تكون إلا في خير، وقوله ﴿ ظل وجهه مسوداً ﴾ عبارة عن العبوس والتقطيب الذي يلحق المغموم، وقد يعلو وجه المغموم سواد وربدة وتذهب شراقته، فلذلك يذكر له السواد، و﴿ كظيم ﴾ بمعنى كاظم كعليم وعالم، والمعنى أنه يخفي وجده وهمه بالأنثى، وقوله ﴿ يتوارى من القوم ﴾ الآية، هذا التواري الذي ذكر الله تعالى إنما هو بعد البشارة بالأنثى، وما يحكى أن الرجل منهم كان إذا أصاب امرأته الطلق توارى حتى يخبر بأحد الأمرين، فليس المراد في الآية، ويشبه أن ذلك


الصفحة التالية
Icon