وقيل : إنه المغموم الذي يطبق فاه فلا يتكلم من الغم ؛ مأخوذ من الكِظامة وهو شد فم القربة ؛ قاله علي بن عيسى.
وقد تقدّم هذا المعنى في سورة "يوسف".
قوله تعالى :﴿ يتوارى مِنَ القوم ﴾
أي يختفي ويتغيّب.
﴿ مِن سواء مَا بُشِّرَ بِهِ ﴾ أي من سوء الحزن والعار والحياء الذي يلحقه بسبب البنت.
﴿ أَيُمْسِكُهُ ﴾ ذكّر الكناية لأنه مردود على "ما".
﴿ على هُونٍ ﴾ أي هوان.
وكذا قرأ عيسى الثقفيّ "على هوان" والهُون الهوان بلغة قريش ؛ قاله اليزيدي وحكاه أبو عبيد عن الكسائيّ.
وقال الفرّاء : هو القليل بلغة تميم.
وقال الكسائيّ : هو البلاء والمشقة.
وقالت الخَنْساء :
نُهين النفوسَ وهُونُ النفو...
س يوم الكريهة أبقَى لها
وقرأ الأعمش "أيمسِكه على سوءٍ" ذكره النحاس، قال : وقرأ الجَحْدَرِيّ "أم يدسّها في التراب" يردّه على قوله :"بِالأنثى" ويلزمه أن يقرأ "أيمسِكها".
وقيل : يرجع الهوان إلى البنت ؛ أي أيمسكها وهي مهانة عنده.
وقيل : يرجع إلى المولود له ؛ أيمسكه على رغم أنفه أم يدسه في التراب، وهو ما كانوا يفعلونه من دفن البنت حيّة.
قال قتادة : كان مُضَرُ وخُزاعة يدفنون البنات أحياء ؛ وأشدهم في هذا تميم.
زعموا خوف القهر عليهم وطمع غير الأكفاء فيهن.
وكان صَعْصَعة بن ناجية عَمُّ الفرزدق إذا أحس بشيء من ذلك وجه إلى والد البنت إبلا يستحييها بذلك.
فقال الفرزدق يفتخر :
وعمّي الذي منَع الوائداتْ...
وأحيا الوَئيد فلم يُوأَدِ
وقيل : دَسُّها إخفاؤها عن الناس حتى لا تُعرف، كالمدسوس في التراب لإخفائه عن الأبصار ؛ وهذا محتمل.