قال : لأنا إذا قلنا أنه عائد إلى المشركين احتجنا إلى إضمار فيكون المعنى : ويجعلون يعني المشركين لما لا يعلمون أنه إله ولا إله حتى نصيباً وإذا قلنا إنه عائد إلى الأصنام لم نحتج إلى هذا الاضمار لأنها لا علم لها، ولا فيهم وقوله ﴿ مما رزقناهم ﴾ يعني أن المشركين جعلوا للأصنام نصيباً من حروثهم وأنعامهم وأموالهم التي رزقهم الله، وقد تقدم تفسيره في سورة الأنعام ﴿ تالله ﴾ أقسم بنفسه على نفسه أنه يسألهم يوم القيامة، وهو قوله تعالى ﴿ لتسألن عما كنتم تفترون ﴾ يعني عما كنتم تكذبون في الدنيا في قولكم، إن هذه الأصنام آلهة وإن لها نصيباً من أموالكم، وهذا التفات من الغيبة إلى الحضور، وهو من بديع الكلام وبليغه ﴿ ويجعلون لله البنات ﴾ هم خزاعة وكنانة قالوا : الملائكة بنات الله وإنما أطلقوا لفظ البنات على الملائكة لاستتارهم عن العيون كالنساء، أو لدخول لفظ التأنيث في تسميتهم ﴿ سبحانه ﴾ نزه الله نفسه عن الولد والبنات ﴿ ولهم ما يشتهون ﴾ يعني : ويجعلون لأنفسهم ما يشتهون يعني البنين ﴿ وإذا بشر أحدهم بالأنثى ﴾ البشارة عبارة عن الخبر السار الذي يظهر على بشرة الوجه أثر الفرح به، ولما كان ذلك الفرح والسرور يوجبان تغير بشرة الوجه كان كذلك الحزن، والغم يظهر أثره على الوجه وهو الكمودة التي تعلو الوجه، عند حصول الحزن والغم فثبت بهذا أن البشارة لفظ مشترك بين الخبر السار والخبر المحزن، فصح قوله : وإذا بشر أحدهم بالأنثى ﴿ ظل وجهه مسوداً ﴾ يعني متغيراً من الغم والحزن والغيظ والكراهة التي حصلت له عند هذه البشارة، والمعنى أن هؤلاء المشركين لا يرضى بالبنت الأنثى أن تنسب إليه فكيف يرضي أن ينسبها إلى الله تعالى ففيه تبكيت لهم وتوبيخ.


الصفحة التالية
Icon