وإذا قوي الغم انحصر الروح إلى باطن القلب ولم يبق له أثر قوي في ظاهر الوجه، فيربد الوجه ويصفر ويسود، ويظهر فيه أثر الأرضية، فمن لوازم الفرح استنارة الوجه وإشراقه، ومن لوازم الغم والحزن اربداده واسوداده، فلذلك كنى عن الفرح بالاستنارة، وعن الغم بالاسوداد.
وهو كظيم أي : ممتلىء القلب حزناً وغمًّا.
أخبر عما يظهر في وجهه وعن ما يجنه في قلبه.
وكظيم يحتمل أن يكون للمبالغة، ويحتمل أن يكون بمعنى مفعول لقوله :﴿ وهو مكظوم ﴾ ويقال : سقاء.
مكظوم، أي مملوء مشدود الفم.
وروى الأصمعي أنّ امرأة ولدت بنتاً سمتها الذلفاء، فهجرها زوجها فقالت :
ما لأبي الذلقاء لا يأتينا...
يظل في البيت الذي يلينا
يحردان لا نلد البنينا...
وإنما نأخذ ما يعطينا
يتوارى : يختفي من الناس، ومن سوء للتعليل أي : الحال له على التواري هو سوء ما أخبر به، وقد كان بعضهم في الجاهلية يتوارى حالة الطلق، فإن أخبر بذكر ابتهج، أو أنثى حزن.
وتوارى أياماً يدبر فيها ما يصنع.
أيمسكه قبله حال محذوفة دل عليها المعنى، والتقدير : مفكراً أو مدبراً أيمسكه؟ وذكر الضمير ملاحظة للفظ ما في قوله : من سوء ما بشر به.
وقرأ الجحدري : أيمسكها على هوان، أم يدسها بالتأنيث عوداً على قوله : بالأنثى، أو على معنى ما بشر به، وافقه عيسى على قراءة هوان على وزن فعال.
وقرأت فرقة : أيمسكه بضمير التذكير، أم يدسها بضمير التأنيث.
وقرأت فرقة : على هون بفتح الهاء.
وقرأ الأعمش : على سوء، وهي عندي تفسير لا قراءة، لمخالفتها السواد المجمع عليه.
ومعنى الإمساك حبسه وتربيته، والهون الهوان كما قال :﴿ عذاب الهون ﴾ والهون بالفتح الرفق واللبن، ﴿ يمشون على الأرض هوناً ﴾ وفي قوله : على هون قولان : أحدهما : أنه حال من الفاعل، وهو مروي عن ابن عباس.


الصفحة التالية
Icon