وقال الخازن :
﴿ للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ﴾
يعني صفة السوء من احتياجاتهم إلى الولد الذكر وكراهتهم الإناث وقتلهن خوف الفقر ﴿ ولله المثل الأعلى ﴾ أي الصفة العليا المقدسة، وهي أن له التوحيد وأنه المنزه عن الولد وأنه لا إله إلا هو وأن له جميع صفات الجلال والكمال من العلم والقدرة والبقاء السرمدي، وغير ذلك من الصفات التي وصف الله بها نفسه.
وقال ابن عباس : مثل السوء النار والمثل الأعلى شهادة أن لا إله إلا الله ﴿ وهو العزيز ﴾ أي الممتنع في كبريائه وجلاله ﴿ الحكيم ﴾ يعني في جميع أفعاله.
قوله :﴿ ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم ﴾
يعني بسبب ظلمهم فيعاجلهم بالعقوبة على ظلمهم وكفرهم وعصيانهم.
فإن قلت الناس اسم جنس يشمل الكل وقد قال تعالى في آية أخرى ﴿ فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات ﴾ فقسمهم في تلك الآية ثلاثة أقسام فجعل الظالمين قسماً واحداً من ثلاثة.
قلت : قوله ولو يؤاخذ الله الناس بظلمهم عام مخصوص بتلك الآية الأخرى، لأن في جنس الناس الأنبياء والصالحين ومن لا يطلق عليه اسم الظلم، وقيل : أراد بالناس الكفار فقط بدليل قوله ﴿ إن الشرك لظلم عظيم ﴾ وقوله ﴿ وما ترك عليها ﴾ يعني على الأرض كناية عن غير مذكور لأن الدابة لا تدب إلا على الأض ﴿ من دابة ﴾ يعني أن الله سبحانه وتعالى، لو يؤاخذ الناس بظلمهم لأهلك جميع الدواب التي على وجه الأرض.
قال قتادة : وقد فعل الله ذلك في زمن نوح عليه السلام وروي أن أبا هريرة سمع رجلاً يقول : إن الظالم لا يضر إلا نفسه، فقال : بئس ما قلت إن الحبارى تموت هزالاً بظلم الظالم.