﴿ وَلَوْ يُؤَاخِذُ الله الناس ﴾ الظالمين مطلقاً، وقيل : بالكفر والمؤاخذة مفاعلة من فاعل بمعنى فعل وهو الظاهر، وقال ابن عطية : هي مجاز كأن العبد يأخذ حق الله تعالى بمعصيته والله تعالى يأخذ منه بمعاقبته وكذا الحال في مؤاخذة الخلق بعضهم بعضاً ﴿ بِظُلْمِهِمْ ﴾ أي بسبب كفرهم ومعاصيهم بناءً على أن الظلم فعل ما لا ينبغي ووضعه في غير موضعه ؛ وقد يخص بالكفر والتعدي على الغير ويدخل فيه ما عد من القبائح، وهذا تصريح بما أفاده قوله تعالى :﴿ وَهُوَ العزيز الحكيم ﴾ [ النحل : ٦٠ ] وإيذان بأن ما أتاه هؤلاء الكفرة من القبائح قد تناهى إلى أمد لا غاية وراءه ﴿ مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا ﴾ أي على الأرض المدلول عليها بالناس وبقوله تعالى :﴿ مِن دَابَّةٍ ﴾ بناءً على شهرة كون الدبيب في الأرض أي ما ترك عليها شيئاً من الدواب أصلاً بل أهلكها بالمرة، أما الظالم فبظلمه وأما غيره فبشؤم ذلك فقد قال سبحانه :﴿ واتقوا فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الذين ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَاصَّةً ﴾ [ الأنفال : ٢٥ ] وأخرج البيهقي في الشعب وغيره عن أبي هريرة أنه سمع رجلاً يقول : إن الظالم لا يضر إلا نفسه فقال : بلى والله إن الحبارى لتموت هزلاً في وكرها من ظلم الظالم، وأخرج أيضاً هو فيه وغيره عن ابن مسعود قال : كاد الجعل أن يعذب في جحره بذنب ابن آدم ثم قرأ الآية، وأخرج أحمد في الزهد عنه أنه قال : ذنوب ابن آدم قتلت الجعل في جحره ثم قال : أي والله زمن غرق قوم نوح عليه السلام، وقيل : المراد من دابة ظالمة على أن التنوين للنوع وهو مخصوص بالكفار والعصاة من الإنس، وقيل : منهم ومن الجن، وقيل : المراد الدابة الظالمة الفاعلة لما لا ينبغي شرعاً أو عرفاً فيدخل بعض الدواب إذا ضر غيره، وقالت فرقة منهم ابن عباس : المراد بالدابة المشرك فقد قال تعالى :﴿ إِنَّ شَرَّ الدواب عِندَ الله الذين كَفَرُواْ ﴾ [ الأنفال : ٥٥ ] وقال الجبائي : الدابة