قال القاضي أبو محمد : ف " واصب " على هذا جار على النسب أي ذا وصب، كما قال : أضحى فؤادي به فاتناً، وهذا كثير، وقال ابن عباس أيضاً :" الواصب " الواجب، وهذا نحو قوله : الواصب الدائم، وقوله ﴿ أفغير ﴾، توبيخ ولفظ استفهام ونصب " غير " ب ﴿ تتقون ﴾، لأنه فعل لم يعمل في سوى " غير " المذكورة، والواو في قوله ﴿ وما بكم ﴾ يجوز أن تكون واو ابتداء، ويجوز أن تكون واو الحال، ويكون الكلام متصلاً بقول ﴿ أفغير الله تتقون ﴾، كأنه يقال على جهة التوبيخ : أتتقون غير الله وما منعم عليكم سواه، والباء في قوله ﴿ بكم ﴾ متعلقة بفعل تقديره وما نزل أو ألم ونحو هذا، و﴿ ما ﴾ بمعنى الذي، والفاء في قوله ﴿ فمن الله ﴾ دخلت بسبب الإبهام الذي في ﴿ ما ﴾ التي هي بمعنى الذي، فأشبه الكلام الشرط، ومعنى الآية التذكير بأن الإنسان في جليل أمره ودقيقه إنما هو في نعمة الله وأفضاله، إيجاده داخل في ذلك فما بعده، ثم ذكر تعالى بأوقات المرض لكون الإنسان الجاهل يحس فيها قدر الحاجة إلى لطف الله تعالى، و﴿ الضر ﴾ وإن كان يعم كل مكروه فأكثر ما يجيء عبارة عن أرزاء البدن، و﴿ تجأرون ﴾ معناه ترفعون أصواتكم باستغاثة وتضرع، وأصله في جؤار الثور والبقرة وصياحها، وهو عند جهد يلحقها أو في أثر دم يكون من بقر تذبح، فذلك الصراخ يشبه به انتحاب الداعي المستغيث بالله إذ رفع صوته، ومنه قول الأعشى :[ المتقارب ]
يراوح من صلوات الملي... ك طوراً سجوداً وطوراً جؤارا
وأنشده أبو عبيدة :