وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَقَالَ الله لاَ تَتَّخِذُواْ إلهين اثنين ﴾
قيل : المعنى لا تتخذوا اثنين إلهين.
وقيل : جاء قوله "اثنينِ" توكيداً.
ولما كان الإله الحق لا يتعدّد وأن كل من يتعدّد فليس بإله، اقتصر على ذكر الاثنين ؛ لأنه قصد نفي التعديد.
﴿ إِنَّمَا هُوَ إله وَاحِدٌ ﴾ يعني ذاته المقدّسة.
وقد قام الدليل العقلي والشرعي على وحدانيته حسبما تقدّم في "البقرة" بيانه وذكرناه في اسمه الواحد في شرح الأسماء، والحمد لله.
﴿ فَإيَّايَ فارهبون ﴾ أي خافون.
وقد تقدّم في "البقرة".
قوله تعالى :﴿ وَلَهُ مَا فِي السماوات والأرض وَلَهُ الدين وَاصِباً ﴾
الدِّين : الطاعة والإخلاص.
و"وَاصِباً" معناه دائماً ؛ قاله الفرّاء، حكاه الجوهريّ.
وَصَبَ الشيء يَصِب وُصوباً، أي دام.
ووَصَب الرجل على الأمر إذا واظب عليه.
والمعنى : طاعة الله واجبة أبداً.
وممن قال واصبا دائماً : الحسن ومجاهد وقتادة والضحاك.
ومنه قوله تعالى :﴿ وَلَهُمْ عَذابٌ وَاصِبٌ ﴾ أي دائم.
وقال الدُّؤَلي :
لا أبتغي الحمد القليل بقاؤه...
بذم يكون الدهر أجمع واصبا
أنشد الغزنوي والثعلبي وغيرهما :
ما أبتغي الحمد القليلَ بقاؤه...
يوما بذم الدهر أجمع واصبا
وقيل : الوَصب التعب والإعياء ؛ أي تجب طاعة الله وإن تعب العبد فيها.
ومنه قول الشاعر :
لا يُمسك الساقَ من أين ولا وَصَب...
ولا يَعَضّ على شُرْسُوفِهِ الصفر
وقال ابن عباس :"واصبا" واجباً.
الفراء والكلبي : خالصا.
﴿ أَفَغَيْرَ الله تَتَّقُونَ ﴾ أي لا ينبغي أن تتقوا غير الله.
ف "غير" نصب ب "تتقون".
قوله تعالى :﴿ وَمَا بِكُم مِّن نِّعْمَةٍ فَمِنَ الله ﴾
قال الفراء.
"ما" بمعنى الجزاء.
والباء في "بكم" متعلقة بفعل مضمر، تقديره : وما يكن بكم.
﴿ مِّن نِّعْمَةٍ ﴾ أي صحة جسم وَسَعة رزق وولد فمن الله.
وقيل : المعنى وما بكم من نعمة فمن الله هي.