وقال الخازن :
﴿ وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين ﴾
لما أخبر الله في الآية المتقدمة أن كل ما في السموات والأرض خاضعون لله، منقادون لأمره عابدون له، وأنهم في ملكه وتحت قدرته، وقبضته نهى في هذه الآية عن الشرك، وعن اتخاذ إلهين اثنين فقال ﴿ وقال الله لا تتخذوا إلهين اثنين ﴾ قال الزجاج : ذكر الاثنين توكيداً لقوله إلهين وقال : صاحب النظم : فيه تقديم وتأخير تقديره، لا تتخذوا اثنين إلهين يعني أن الاثنين لا يكون كل واحد منهما إلهاً، ولكن اتخذوا إلهاً واحداً، وهو قوله تبارك وتعالى ﴿ إنما هو إله واحد ﴾ لأن الإلهين لا يكونان إلا متساويين في الوجود والقدم وصفات الكمال والقدره والإرادة فصارت الاثنينية منافية للإلهية، وذلك قوله تعالى إنما هو إله واحد يعني لايجوز أن يكون في الوجود إلهان اثنان إنما هو إله واحد ﴿ فإياي فارهبون ﴾ يعني فخافون والرهب مخافة مع حزن واضطراب وإنما نقل الكلام من الغيبة إلى الحضور، وهو من طريق الالتفات لأنه أبلغ في الترهيب من قوله، فإياه فارهبوا فهو من بديع الكلام وبليغه وقوله فإياي يفيد الحصر، وهو أن لا يرهب الخلق إلا منه ولا يرغبون إلا إليه وإلى كرمه وفضله وإحسانه ﴿ وله ما في السموات والأرض ﴾ لما ثبت بالدليل الصحيح والبرهان الواضح أن إله العالم لا شريك له في الإلهية، وجب أن يكون جميع المخلوقات عبيداً له وفي ملكه وتصرفه، وتحت قدرته فذلك قوله تعالى وله ما في السموات والأرض يعني، عبيداً وملكاً ﴿ وله الدين واصباً ﴾ يعني وله العبادة والطاعة وإخلاص العمل دائماً ثابتاً والواصب : الدائم.


الصفحة التالية
Icon