قال القاضي أبو محمد : وهذا منهما تفسير غير متقن، وقوله تعالى :﴿ ثم كلي من كل الثمرات ﴾ الآية، المعنى ثم ألهمها أن كلي، فعطف ﴿ كلي ﴾ على ﴿ اتخذي ﴾، و﴿ من ﴾ للتبعيض، أي كلي جزءاً أو شيئاً من كل الثمرات، وذلك أنها إنما تأكل النوار من أشجار، و" السبل " الطرق وهي مسالكها في الطيران وغيرها، وأضافها إلى " الرب " من حيث هي ملكه وخلقه التي يسر لك ربك، وقوله ﴿ ذللاً ﴾ يحتمل أن يكون حالاً من ﴿ النخل ﴾، أي مطيعة منقادة لما يسرت له، قاله قتادة، وقال ابن زيد : فهم يخرجون بالنحل ينتجعون وهي تتبعهم، وقرأ ﴿ أولم يروا أنا خلقنا لهم مما عملت أيدينا أنعاماً فهم لها مالكون وذللناها لهم فمنها ركوبهم ومنها يأكلون ﴾ [ يس : ٧١-٧٢ ]، ويحتمل أن يكون حالاً من " السبل " أي مسهلة مستقيمة، قال مجاهد : لا يتوعر عليها سبيل تسلكه، ثم ذكر تعالى على جهة تعديد النعمة والتنبيه على العبرة أمر العسل في قوله ﴿ يخرج من بطونها ﴾، وجمهور الناس على أن العسل يخرج من أفواه النحل، وورد عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال في تحقير الدنيا : أشرف لباس ابن آدم فيها لعاب دودة، وأشرف شرابه رجيع نحلة، فظاهر هذا أنه من غير الفم، و" اختلاف الألوان " في العسل بحسب اختلاف النحل والمراعي وقد يختلف طعمه بحسب اختلاف المراعي، ومن هذا المعنى قول زينب للنبي ﷺ : جرست نحْلُهُ العرفطَ حين شبهت رائحته برائحة المغافير، وقوله ﴿ فيه شفاء للناس ﴾ الضمير للعسل، قاله الجمهور : ولا يقتضي العموم في كل على وفي كل إنسان، بل هو خبر عن أنه يشفي كما يشفي غيره من الأدوية في بعض دون بعض وعلى حال دون حال، ففائدة الآية إخبار منبه منه في أنه دواء كما كثر الشفاء به وصار خليطاً ومعيناً للأدوية في الأشربة والمعاجين، وقد روي عن ابن عمر أنه كان لا يشكو شيئاً إلا تداوى بالعسل، حتى إنه يدهن به الدمل والضرحة ويقرأ {