قال الإمام أبو عبد الله المازَري : ينبغي أن يُعلم أن الإسهال يعرض من ضروب كثيرة ؛ منها الأسهال الحادث عن التُّخم والهَيْضات ؛ والأطباء مجمعون في مثل هذا على أن علاجه بأن يترك للطبيعة وفعلها، وإن احتاجت إلى مُعين على الإسهال أعينت ما دامت القوّة باقية، فأما حبسها فضرر، فإذا وضح هذا قلنا : فيمكن أن يكون ذلك الرجل أصابه الإسهال عن امتلاء وهَيْضة فأمره النبيّ ﷺ بشرب العسل فزاده إلى أن فنيت المادة فوقف الإسهال فوافقه شرب العسل.
فإذا خرج هذا عن صناعة الطب أذِن ذلك بجهل المعترض بتلك الصناعة.
قال : ولسنا نستظهر على قول نبيّنا بأن يصدقه الأطباء بل لو كذّبوه لكذبناهم ولكفّرناهم وصدّقناه ﷺ ؛ فإن أوجدونا بالمشاهدة صحة ما قالوه فنفتقر حينئذ إلى تأويل كلام رسول الله ﷺ وتخريجه على ما يصح إذ قامت الدّلالة على أنه لا يكذب.
السابعة في قوله تعالى :﴿ فِيهِ شِفَآءٌ لِلنَّاسِ ﴾ دليل على جواز التعالج بشرب الدواء وغير ذلك خلافاً لمن كره ذلك من جلّة العلماء، وهو يرد على الصوفية الذين يزعمون أن الولاية لا تتم إلا إذا رضي بجميع ما نزل به من البلاء، ولا يجوز له مداواة.
ولا معنى لمن أنكر ذلك، روى الصحيح عن جابر عن رسول الله ﷺ أنه قال :" لكل داء دواء فإذا أصيب دواءُ الداءِ برأ بإذن الله " وروى أبو داود والترمذي عن أسامة بن شُريك قال :" قالت الأعراب : ألا نَتداوَى يا رسول الله؟ قال :"نعم.
يا عباد الله تداوَوْا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أو دواء إلا داء واحداً" قالوا : يا رسول الله وما هو؟ قال :"الهرم" " لفظ الترمذي، وقال : حديث حسن صحيح.


الصفحة التالية
Icon