﴿ ثُمَّ كُلِى مِن كُلّ الثمرات ﴾ من كل ثمرة تشتهينها حُلوِها ومُرِّها ﴿ فاسلكى ﴾ ما أكلتِ منها ﴿ سُبُلَ رَبّكِ ﴾ أي مسالكَه التي برَأها بحيث يُحيل فيها بقدرته القاهرة النَّوَر المرَّ عسلاً من أجوافك أو فاسلكي الطرقَ التي ألهمك في عمل العسلِ أو فاسلكي راجعةً إلى بيوتك سبلَ ربك لا تتوعّر عليك ولا تلتبس ﴿ ذُلُلاً ﴾ جمع ذَلول وهو حال من السبل أي مذللة غيرَ متوعرة ذللها الله سبحانه وسهلها لك، أو من الضمير في اسلكي أي اسلكي منقادةً لما أُمرتِ به ﴿ يَخْرُجُ مِن بُطُونِهَا ﴾ استئناف عُدل به عن خطاب النحلِ لبيان ما يظهر منها من تعاجيب صنعِ الله تعالى التي هي موضعُ العبرة بعد ما أُمِرتْ بما أمرتْ ﴿ شَرَابٌ ﴾ أي عسل لأنه مشروب، واحتج به وبقوله تعالى :﴿ كُلِى ﴾ من زعم أن النحلَ تأكلُ الأزهار والأوراقَ العطِرة فتستحيل في بطنها عسلاً ثم تقيءُ ادّخاراً للشتاء، ومن زعم أنها تلتقط بأفواهها أجزاءً قليلةً حُلوة صغيرة متفرقةً على الأزهار والأوراق وتضعها في بيوتها، فإذا اجتمع فيها شيءٌ كثيرٌ يكون عسلاً فسّر البطونَ بالأفواه ﴿ مُّخْتَلِفٌ أَلْوَانُهُ ﴾ أبيضُ وأسودُ وأصفرُ وأحمرُ حسب اختلاف سنِّ النحل أو الفصلِ أو الذي أخذت منه العسل ﴿ فِيهِ شِفَآء لِلنَّاسِ ﴾ إما بنفسه كما في الأمراض البلغمية أو مع غيره كما في سائر الأمراض، إذ قلما يكون معجونٌ لا يكون فيه عسلٌ، مع أن التنكيرَ فيه مُشعرٌ بالتبعية، ويجوز كونه للتفخيم، وعن قتادةَ أن رجلاً جاء إلى رسول الله ﷺ فقال : إن أخي يشتكي بطنه، فقال عليه الصلاة والسلام :


الصفحة التالية
Icon