وذهب بعض حكماء الإشراق إلى ثبوت النفس الناطقة لجميع الحيوانات وأكاد أسلم لهم ذلك ولم نسع عن أحد غير الصوفية القول بما سمعت عنهم، والنحل جنس واحده نحلة ويؤنث في لغة الحجاز ولذلك قال سبحانه :﴿ أَنِ اتخذى ﴾ وقرأ ابن وثاب ﴿ النحل ﴾ بفتحتين وهو يحتمل أن يكون لغة وأن يكون إتباعاً لحركة النون، و﴿ إن ﴾ إما مصدرية بتقدير بناء الملابسة أي بأن اتخذي أو تفسيرية وما بعدها مفسر للإيحاء لأن فيه باعتبار معناه المشهور معنى القول دون حروفه، وذلك كاف في جعلها تفسيرية : وقد غفل عن ذلك أبو حيان أو لم يعتبره فقال : إن في ذلك نظراً لأن الوحي هنا بمعنى الإلهام إجماعاً وليس في الإلهام معنى القول ﴿ مِنَ الجبال بُيُوتًا ﴾ أوكاراً، وأصل البيت مأوى الإنسان واستعمل هنا في الوكر الذي تبنيه النحل لتعسل فيه تشبيهاً له بما يبنيه الإنسان لما فيه من حسن الصنعة وصحة القسمة كما سمعت : وقرىء ﴿ بُيُوتًا ﴾ بكسر الباء لمناسبة الياء وإلا فجمع فعل على فعول بالضم.