ففي طبقات الأطباء أنه إنما قال ﷺ ذلك لأنه علم أن في معدة المريض رطوبات لزجة غليظة قد أزلقت معدته فكلما مر به شيء من الأدوية القابضة لم يؤثر فيها والرطوبات باقية على حالها والأطعمة تزلق عنها فيبقى الإسهال فلما تناول العسل جلا تلك الرطوبات وأحدرها فكثر الإسهال أولاً بخروجها وتوالى ذلك حتى نفذت الرطوبة بأسرها فانقطع إسهاله وبرىء، فقوله ﷺ :" صدق الله تعالى " يعني بالعلم الذي عرف نبيه عليه الصلاة والسلام به، وقوله :" كذب بطن أخيك " يعني ما كان يظهر من بطنه من الإسهال وكثرته بطريق العرض وليس هو بإسهال ومرض حقيقي فكان بطنه كاذباً اه.
وقال بعضهم : المراد بصدق الله تعالى صدق سبحانه في أن العسل فيه الشفاء، وقوله عليه الصلاة والسلام :"كذب بطن أخيك" من المشاكلة الضدية كقولهم : من طالت لحيته تكوسج عقله، وهو على الأول استعارة مبنية على تشبيه البطن بالكاذب في كون ما ظهر من إسهالها ليس بأمر حقيقي وإنما هو لما عرض لها، وعلى ذلك قول الأطباء : زحير كاذب وزحير صادق.
وأنكر بعضهم هذا النوع من المشاكلة وقال : إنها ليست معروفة وإنه إنما عبر به لأن بطنه كأنه كذب قول الله تعالى بلسان حاله وهو ناشىء من قلة الاطلاع.