قال منصور فلما سمعت كلامه قلت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم بسم الله الرحمن الرحيم ( يأيها الذين ءامنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة ) الآية فسمعت صوتاً واضطراباً شديداً ومضيت لحاجتي فلما أصبحت رجعت وإذا جنازة موضوعة على ذلك الباب وعجوز تذهب وتجيء فقلت لها من هذا الميت منك فقالت إليك عني لا تجدد علي أحزاني قلت إني رجل غريب قالت هذا ولدي مر بنا البارحة رجل لا جزاه الله خيرا قرأ آية فيها ذكر النار فلم يزل ابني يبكي ويضطرب حتى مات قال منصور هكذا والله صفة الخائفين يا بن عمار يا صاحب الخطايا أين الدموع الجارية يا أسير المعاصي ابك على الذنوب الماضية يا مبارزاً بالقبائح أتصبر على الهاوية يا ناسياً ذنوبه والصحف للمنسي حاوية أسفاً لك إذا جاءك الموت وما أنبت واحسرة لك إذا دعيت إلى التوبة فما أجبت كيف تصنع إذا نودي بالرحيل وما تأهبت ألست الذي بارزت بالكبائر وما راقبت ( قد مضى في اللهو عمري
وتناهى فيه أمري
( شمر الأكياس وأنا
واقف قد شيب أمري
( بإن ربح الناس دوني
ولحيني بان خسري
( ليتني أقبل وعظي
ليتني أسمع زجري
( كل يوم أنا رهن
بين آثامي ووزري
( ليت شعري هل أرى لي
همة في فك أسرى
( أو أرى في ثوب صدق
قبل أن أنزل قبري
ويح قلبي من تناسيه
مقامي يوم حشري
( واشتغالي عن خطايا
أثقلت والله ظهري