فإنهما استغنيا بذكر إنَّ عن الفاء، وإن خلفاً الأحمر لما سأل بشاراً لماذا لم يقل :" بكرا فالنجاح في التبكير" أجابه بشار بأنه أتى بها عربية بدوية ولو قال :" فالنجاح" لصارت من كلام المولدين ( أي أجابه جواباً أحاله فيه على الذوق ) وقد بين الشيخ عبد القاهر سبَبه.
وقال الشيخ في موضع آخر ألا ترى أن الغرض من قوله :" إن ذاك النجاح في التبكير" أن يبيَّن المعنى في قوله لصاحبيه " بكرا" وأن يحتج لنفسه في الأمر بالتبكير ويبين وجه الفائدة منه". أ هـ ﴿التحرير والتنوير حـ ١ صـ ٣٩٩ ـ ٤٠١﴾
وقال الآلوسى :
﴿قَالُواْ سبحانك لاَ عِلْمَ لَنَا إِلاَّ مَا عَلَّمْتَنَا﴾ استئناف واقع موقع الجواب كأنه قيل : فماذا ؟ قالوا إذا ذاك : هل خرجوا عن عهدة ما كلفوه أولاً ؟ فقيل :﴿قَالُواْ﴾ : الخ.
وذكر غير واحد أن الجمل المفتتحة بالقول إذا كانت مرتباً بعضها على بعض في المعنى فالأفصح أن لا يؤتى فيها بحرف اكتفاء بالترتيب المعنوي، وقد جاء في سورة الشعراء من ذلك كثير، بل القرآن مملوء منه، وسبحان قيل : إنه مصدر، وفعله سبح مخففاً بمعنى نزه، ولا يكاد يستعمل إلا مضافاً، إما للمفعول أو الفاعل منصوباً بإضمار فعل وجوباً، وقوله :
سبحانه ثم سبحاناً نعوذ به...
وقبلنا سبح الجودي والجمد
شاذ كقوله :
سبحانك اللهم ذا السبحان...
ومجئيه منادى مما زعمه الكسائي ولا حجة له وذهب جماعة إلى أنه علم للتسبيح بمعنى التنزيه لا مصدر سبح بمعنى قال : سبحان الله لئلا يلزم الدور ولأن مدلول ذلك لفظ ومدلول هذا معنى واستدل على ذلك بقوله :
قد قلت لما جاءني فخره...
سبحان من علقمة الفاخر