أين هذا مما رُوي عن عمر رضي الله عنه وقد قال : لا تزيدوا في مهور النساء على أربعين أُوقِيَّة ولو كانت بنت ذي العَصبة يعني يزيد بن الحُصين الحارثي فمن زاد ألقيت زيادته في بيت المال ؛ فقامت امرأة من صَوْب النساء طويلةٌ فيها فَطَس فقالت : ما ذلك لك! قال : ولم ؟ قالت لأن الله عز وجل يقول :﴿وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَاراً فَلاَ تَأْخُذُواْ مِنْهُ شَيْئاً﴾ [ النساء : ٢٠ ] فقال عمر : امرأة أصابت ورجل أخطأ! وروى وَكيع عن أبي معشر عن محمد بن كعب القُرَظِي قال : سأل رجل عليًّا رضي الله عنه عن مسألة فقال فيها ؛ فقال الرجل : ليس كذلك يا أمير المؤمنين، ولكن كذا وكذا ؛ فقال عليّ : أصبتَ وأخطأتُ، وفوق كل ذي عِلْمٍ عليم.
وذكر أبو محمد قاسم بن أَصْبَغَ قال : لمّا رحلتُ إلى المشرق نزلت القَيْرَوان فأخذت على بكر بن حماد حديثَ مُسدّد، ثم رحلتُ إلى بَغداد ولقيت الناس، فلما انصرفت عدتُ إليه لتمام حديث مسدّد، فقرأت عليه فيه يوماً حديث النبيّ ﷺ :" أنه قدم عليه قوم من مُضَرَ مِن مُجْتابِي النِّمَار فقال : إنما هو مُجْتابي الثّمار ؛ فقلت إنما هو مُجتابي النمار " ؛ هكذا قرأته على كل من قرأته عليه بالأندلس والعراق ؛ فقال لي : بدخولك العراق تُعارضنا وتفخَر علينا! أو نحو هذا.
ثم قال لي : قم بنا إلى ذلك الشيخ لشيخ كان في المسجد فإن له بمثل هذا عِلماً ؛ فقمنا إليه فسألناه عن ذلك فقال : إنما هو مُجْتابي النّمار، كما قلت.
وهم قوم كانوا يلبسون الثياب مشققة، جيوبُهم أمامَهم.
والنّمار جمع نمرة.
فقال بكر بن حماد وأخذ بأنفه : رَغِم أنْفِي للحق، رَغِم أنفي للحق.
وانصرف.
وقال يزيد بن الوليد بن عبد الملك فأحسن :
إذا ما تحدّثتُ في مجلسٍ...
تَناهَى حديثي إلى ما عَلِمتُ
ولم أَعْدُ علمي إلى غيره...
وكان إذا ما تناهَى سَكتُّ. أ هـ ﴿تفسير القرطبى حـ ١ صـ ٣٨٥ ـ ٣٨٧﴾


الصفحة التالية
Icon