من فوائد ابن عرفة فى الآية
قال رحمه الله :
قوله تعالى :﴿قَالَ يَآ ءَادَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ...﴾.
قال ابن عرفة : إذا قدّم النداء على الأمر فيكون المراد تنبيه المخاطب واستحضار ذهنه لما يلقى إليه، وإن قدم الأمر على النداء كان ذلك دليلا على تأكيد طلبه وأنه هو ( الاسم ) ( المقصود ) كما ورد في الحديث الصحيح في غزوة بدر لما برز من صف المشركين عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة والوليد بن عتبة وطلبوا أن يكون المباشر ( لهم ) بالقتال مثلهم من بني عمّهم فقال النبي ﷺ :" قم يا حمزة، قم يا علي، قم يا عبيدة بن الحارث " وكذلك في حديث الأنصار حيث قام منهم خطيب فقال النّبي ﷺ :" قل ( يا أباحية ) ".
قوله تعالى :﴿فَلَمَّآ أَنبَأَهُم بِأَسْمَآئِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ...﴾.
( فإن قلت : هلاّ قيل : فأنبأهم بأسمائهم.
فقال :﴿أَلَمْ أَقُل لَّكُمْ﴾ الآية ؟
قلت : الجواب ما قال بعضهم : من أن حكمته الإشعار بترتيب المجازات على الفعل ( فيؤخذ ) منه جواز ( الثناء ) على الإنسان بما فيه من المحاسن لكن في غيبته لئلا يقع ( في نفسه ) كبر وعجب وإن كان ( الإنسان ) هنا سالما من ذلك.
قال الطيبي : ويؤخذ من الآية أن علم اللغَة والحِكْمة أفضل من علم العبادة فضلا عن علم الشريعة/ لأن آدم عليه السلام فضل على الملائكة لاختصاصه بعلم الأسماء وهذا راجع إلى حفظ اللغة وهم لم يحتجوا إلا بكمال التسبيح والتقديس.
فقال ابن عرفة : إنّما يؤخذ منه أن علم اللّغة له فضل وشرف لا أنه أفضل من العبادة.
قال ابن عطية : قال بعض العلماء في قوله تعالى :﴿فَلَمَّآ أَنبَأَهُم بِأَسْمَآئِهِمْ﴾ نبوءة ( لآدم ) عليه السلام إذ أمره الله أن ينبيء الملائكة بما ليس عندهم من علم الله عز وجل.
وكذا قال ابن الخطيب : إنّه احتجّ بها من قال : إنّ آدم عليه السلام رسول، ورد هذا ( بوجوه ) :
الأول : قال الفخر الرازي : الأنبياء معصومون وهو قد أهبط بعد ذلك من الجنة لأكله من الشجرة فلا يصح كونه رسولا.


الصفحة التالية
Icon