ومن فوائد صاحب المنار فى الآيات السابقة
قال رحمه الله :
(وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قَالُوا أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ)
(تَمْهِيدٌ لِلْقِصَّةِ وَمَذْهَبُ السَّلَفِ وَالْخَلَفِ فِي الْمُتَشَابِهَاتِ)
إِنَّ أَمْرَ الْخِلْقَةِ وَكَيْفِيَّةَ التَّكْوِينِ مِنَ الشُّئُونِ الْإِلَهِيَّةِ الَّتِي يَعِزُّ الْوُقُوفُ عَلَيْهَا كَمَا هِيَ، وَقَدْ قَصَّ اللهُ عَلَيْنَا فِي هَذِهِ الْآيَاتِ خَبَرَ النَّشْأَةِ الْإِنْسَانِيَّةِ عَلَى نَحْوِ مَا يُؤْثَرُ عَنْ أَهْلِ الْكِتَابِ مِنْ قَبْلِنَا، وَمَثَّلَ لَنَا الْمَعَانِيَ فِي صُوَرٍ مَحْسُوسَةٍ، وَأَبْرَزَ لَنَا الْحِكَمَ وَالْأَسْرَارَ بِأُسْلُوبِ الْمُنَاظَرَةِ وَالْحِوَارِ كَمَا هِيَ سُنَّتُهُ فِي مُخَاطَبَةِ الْخَلْقِ وَبَيَانِ الْحَقِّ، وَقَدْ ذَهَبَ الْأُسْتَاذُ إِلَى أَنَّ هَذِهِ الْآيَاتِ مِنَ الْمُتَشَابِهَاتِ الَّتِي لَا يُمْكِنُ حَمْلُهَا عَلَى ظَاهِرِهَا ؛ لِأَنَّهَا بِحَسَبِ قَانُونِ التَّخَاطُبِ : إِمَّا اسْتِشَارَةٌ وَذَلِكَ مُحَالٌ عَلَى اللهِ - تَعَالَى، وَإِمَّا إِخْبَارٌ مِنْهُ سُبْحَانَهُ لِلْمَلَائِكَةِ وَاعْتِرَاضٌ مِنْهُمْ وَمُحَاجَّةٌ وَجِدَالٌ وَذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِاللهِ - تَعَالَى -
أَيْضًا وَلَا بِمَلَائِكَتِهِ، وَلَا يُجَامِعُ مَا جَاءَ بِهِ الدِّينُ مِنْ وَصْفِ الْمَلَائِكَةِ كَكَوْنِهِمْ (لَا يَعْصُونَ اللهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) (٦٦ : ٦) وَقَدْ أَوْرَدَ الْأُسْتَاذُ مُقَدِّمَةً تَمْهِيدِيَّةً لِفَهْمِ الْقِصَّةِ فَقَالَ مَا مِثَالُهُ :