(رَابِعِهَا) تَسْلِيَةِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَنْ تَكْذِيبِ النَّاسِ، وَمُحَاجَّتِهِمْ فِي النُّبُوَّةِ بِغَيْرِ بُرْهَانٍ عَلَى إِنْكَارِ مَا أَنْكَرُوا وَبُطْلَانِ مَا جَحَدُوا، فَإِذَا كَانَ الْمَلَأُ الْأَعْلَى قَدْ مَثُلُوا عَلَى أَنَّهُمْ يَخْتَصِمُونَ وَيَطْلُبُونَ الْبَيَانَ وَالْبُرْهَانَ فِيمَا لَا يَعْلَمُونَ، فَأَجْدَرُ بِالنَّاسِ أَنْ يَكُونُوا مَعْذُورِينَ، وَبِالْأَنْبِيَاءِ أَنْ يُعَامِلُوهُمْ كَمَا عَامَلَ اللهُ الْمَلَائِكَةَ الْمُقَرَّبِينَ ؛ أَيْ فَعَلَيْكَ أَيُّهَا الرَّسُولُ أَنْ تَصْبِرَ عَلَى هَؤُلَاءِ الْمُكَذِّبِينَ وَتُرْشِدَ الْمُسْتَرْشِدِينَ، وَتَأْتِيَ أَهْلَ الدَّعْوَةِ بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ. وَهَذَا الْوَجْهُ هُوَ الَّذِي يُبَيِّنُ اتِّصَالَ هَذِهِ الْآيَاتِ بِمَا قَبْلَهَا، وَكَوْنَ الْكَلَامِ لَا يَزَالُ فِي مَوْضُوعِ الْكِتَابِ وَكَوْنَهُ لَا رَيْبَ فِيهِ، وَفِي الرَّسُولِ وَكَوْنَهُ يُبَلِّغُ وَحْيَ اللهِ - تَعَالَى - وَيَهْدِي بِهِ عِبَادَهُ، وَفِي اخْتِلَافِ النَّاسِ فِيهِمَا. وَمِنْ خَوَاصِّ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ الِانْتِقَالُ مِنْ مَسْأَلَةٍ إِلَى أُخْرَى مُبَايِنَةٍ لَهَا أَوْ قَرِيبَةٍ مِنْهَا مَعَ كَوْنِ الْجَمِيعِ فِي سِيَاقِ مَوْضُوعٍ وَاحِدٍ.