هَذَا أَحْسَنُ مَا يُجْلَى فِيهِ هَذَا الْمَذْهَبُ، وَأَكْثَرُ مَا قَالُوهُ فِيهِ قَدْ سَرَى إِلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَسَاطِيرِ الْفُرْسِ وَخُرَافَاتِهِمْ، وَمِنْهُ أَنَّهُ كَانَ فِي الْأَرْضِ قَبْلَ آدَمَ خَلْقٌ يُسَمَّوْنَ بَالْحِنِّ وَالْبِنِّ، أَوِ الطِّمِّ وَالرِّمِّ، وَالْأَكْثَرُونَ عَلَى أَنَّ الْخَلْقَ الَّذِينَ كَانُوا فِي الْأَرْضِ قَبْلَ آدَمَ مُبَاشَرَةً كَانُوا يُسَمُّونَ الْجِنَّ، وَالْقَائِلُونَ مِنْهُمْ بَالْحِنِ (بِالْمُهْمَلَةِ) وَالْبِنِّ قَالُوا : إِنَّهُمْ كَانُوا قَبْلَ الْجِنِّ، وَقَالُوا : إِنَّ هَؤُلَاءِ عَاثُوا فِي الْأَرْضِ فَسَادًا، فَأَبَادَهُمُ اللهُ (كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا) وَقَالُوا : إِنَّ اللهَ - تَعَالَى - أَرْسَلَ إِلَيْهِمْ إِبْلِيسَ فِي جُنْدٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ فَحَارَبَ الْجِنَّ فَدَحَرَهُمْ وَفَرَّقَهُمْ فِي الْجَزَائِرِ وَالْبِحَارِ. وَلَيْسَ لَهُمْ فِي الْإِسْلَامِ سَنَدٌ يُحْتَجُّ بِهِ عَلَى هَذِهِ الْقِصَصِ، وَلَكِنْ تَقَالِيدُ الْأُمَمِ الْمَوْرُوثَةُ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ تُنْبِئُ بِأَمْرٍ ذِي بَالٍ، وَهِيَ مُتَّفِقَةٌ فِيهِ بِالْإِجْمَالِ، أَلَا وَهُوَ مَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ آدَمَ لَيْسَ أَوَّلَ الْأَحْيَاءِ الْعَاقِلَةِ الَّتِي سَكَنَتِ الْأَرْضَ.


الصفحة التالية
Icon