وَأَمَّا مَا نَعْرِفُهُ بِالنَّظَرِ وَالِاخْتِبَارِ فَهُوَ حَالُ الْمَعْدِنِ وَالْجَمَادِ وَلَا عِلْمَ لَهُ وَلَا عَمَلَ. وَحَالُ النَّبَاتِ وَإِنَّمَا تَأْثِيرُ حَيَاتِهِ فِي نَفْسِهِ، فَلَوْ فُرِضَ أَنَّ لَهُ عِلْمًا وَإِرَادَةً فَهُمَا لَا أَثَرَ لَهُمَا فِي جَعْلِ عَمَلِ النَّبَاتِ مُبَيِّنًا لِحُكْمِ اللهِ وَسُنَنِهِ فِي الْخَلْقِ، وَلَا وَسِيلَةَ لِبَيَانِ أَحْكَامِهِ وَتَنْفِيذِهَا، فَكُلُّ حَيٍّ مِنَ الْأَحْيَاءِ الْمَحْسُوسَةِ وَالْغَيْبِيَّةِ فَإِنَّ لَهُ اسْتِعْدَادًا مَحْدُودًا، وَعِلْمًا إِلْهَامِيًّا مَحْدُودًا، وَعَمَلًا مَحْدُودًا، وَمَا كَانَ كَذَلِكَ لَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ خَلِيفَةً عَنِ الَّذِي لَا حَدَّ لِعِلْمِهِ وَإِرَادَتِهِ، وَلَا حَصْرَ لِأَحْكَامِهِ وَسُنَنِهِ، وَلَا نِهَايَةَ لِأَعْمَالِهِ وَتَصَرُّفِهِ.