أخبر الله تعالى أن الغيب له يملكه ويعلمه، وقوله ﴿ وما أمر الساعة ﴾ آية إخبار بالقدرة وحجة على الكفار، والمعنى على ما قال قتادة وغيره : ما تكون الساعة وإقامتها في قدرة الله إلا أن يقول لها كن، فلو اتفق أن يقف على ذلك محصل من البشر لكانت من السرعة بحيث يشك هل هي كلمح البصر أو هي أقرب من ذلك، ف ﴿ أو ﴾ على هذا على بابها في الشك، وقيل هي للتخيير، و" لمح البصر " هو وقوعه على المرئي، وقوى هذا الإخبار بقوله ﴿ إن الله على كل شيء قدير ﴾. ومن قال ﴿ وما أمر الساعة ﴾ له وما إتيانها ووقوعها بكم على جهة التخويف من حصولها ففيه بعد تجوز كثير، وبُعْد من قول النبي ﷺ " بعثت أنا والساعة كهاتين "، ومن ذكره ما ذكر من أشراط الساعة ومهلتها، ووجه التأويل أن القيامة لما كانت آتية ولا بد جعلت من القرب ﴿ كلمح البصر ﴾ كما يقال : ما السنة إلا لحظة، إلا أن قوله ﴿ أو هو أقرب ﴾ يرد أيضاً هذه المقالة، وقوله ﴿ والله أخرجكم ﴾ الآية، آية تعديد نعمة بينة لا ينكرها عاقل، وهي نعمة معها كفرها وتصريفها في الإشراك بالذي وهبها، فالله عز وجل أخبر بأنه أخرج ابن آدم لا يعلم شيئاً، ثم جعل حواسه التي قد وهبها له في البطن سلماً إلى درك المعارف، ليشكر على ذلك ويؤمن بالمنعم عليه، و" أمهات " أصله أمات، وزيدت الهاء مبالغة وتأكيداً، كما زادوا الهاء في أهرقت الماء، قاله أبو إسحاق، وفي هذا المثل نظر وقول غير هذا، وقرأ حمزة والكسائي " إمهاتكم " بكسر الهمزة، وقرأ الأعمش " في بطون أمِّهاتكم " بحذف الهمزة وكسر الميم المشددة، وقرأ ابن أبي ليلى بحذف الهمزة وفتح الميم مشددة، قال أبو حاتم : حذف الهمزة ردي ولكن قراءة ابن أبي ليلى أصوب والترجي الذي في " لعل " هو بحسبنا، وهذه الآية تعديد نعم وموضع اعتبار، وقوله ﴿ ألم تروا إلى الطير ﴾ الآية، وقرأ طلحة بن مصرف والأعمش وابن هرمز " ألم تروا " بالتاء


الصفحة التالية
Icon