وَأَيْضًا مَعْلُومٌ أَنَّ الْخِطَابَ فِي ذِكْرِ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ وَالِاحْتِجَاجِ عَلَيْهِمْ، أَلَا تَرَى إلَى قَوْلِهِ :﴿ وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَهُمْ رِزْقًا مِنْ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ فَلَا تَضْرِبُوا لِلَّهِ الْأَمْثَالَ ﴾ ثُمَّ قَالَ ﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا عَبْدًا مَمْلُوكًا لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ ﴾ فَأَخْبَرَ أَنَّ مَثَلَ مَا يَعْبُدُونَ مَثَلُ الْعَبِيدِ الْمَمَالِيكِ الَّذِينَ لَا يَمْلِكُونَ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَمْلِكُوا تَأْكِيدًا لِنَفْيِ أَمْلَاكِهِمْ، وَلَوْ كَانَ الْمُرَادُ عَبْدًا بِعَيْنِهِ وَكَانَ ذَلِكَ الْعَبْدُ مِمَّنْ يَجُوزُ أَنْ يُمْلَكَ، مَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْحُرِّ فَرْقٌ وَكَانَ تَخْصِيصُهُ الْعَبْدَ بِالذِّكْرِ لَغْوًا فَثَبَتَ أَنَّ الْمَعْنَى فِيهِ نَفْيُ مِلْكِ الْعَبِيدِ رَأْسًا.
فَإِنْ قِيلَ : فَقَدْ قَالَ :﴿ وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَجُلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَبْكَمُ
لَا يَقْدِرُ عَلَى شَيْءٍ وَهُوَ كَلٌّ عَلَى مَوْلَاهُ ﴾ وَلَمْ يَدُلَّ عَلَى أَنَّ الْأَبْكَمَ لَا يَمْلِكُ شَيْئًا.