ثم حكى تعالى أن الأصنام يكذبونهم، فقال :﴿فَألْقَوْا إِلَيْهِمُ القول إِنَّكُمْ لكاذبون﴾ والمعنى : أنه تعالى يخلق الحياة والعقل والنطق في تلك الأصنام حتى تقول هذا القول، وقوله :﴿إِنَّكُمْ لكاذبون﴾ بدل من القول، والتقدير : فألقوا إليهم إنكم لكاذبون.
فإن قيل : إن المشركين ما قالوا إلا أنهم لما أشاروا إلى الأصنام قالوا : إن هؤلاء شركاؤنا الذين كنا ندعوا من دونك وقد كانوا صادقين في كل ذلك، فكيف قالت الأصنام إنكم لكاذبون ؟.
قلنا : فيه وجوه : والأصح أن يقال المراد من قولهم هؤلاء شركاؤنا هو أن هؤلاء الذين كنا نقول إنهم شركاء الله في المعبودية، فالأصنام كذبوهم في إثبات هذه الشركة.
وقيل : المراد إنكم لكاذبون في قولكم إنا نستحق العبادة ويدل عليه قوله تعالى :﴿كَلاَّ سَيَكْفُرُونَ بعبادتهم﴾ [ مريم : ٨٢ ].
ثم قال تعالى :﴿وَأَلْقَوْاْ إلى الله يَوْمَئِذٍ السلم﴾ قال الكلبي : استسلم العابد والمعبود وأقروا لله بالربوبية وبالبراءة عن الشركاء والأنداد :﴿وَضَلَّ عَنْهُمْ مَّا كَانُواْ يَفْتَرُونَ﴾ وفيه وجهان : وقيل : ذهب عنهم ما زين لهم الشيطان من أن لله شريكاً وصاحبة وولداً.
وقيل : بطل ما كانوا يأملون من أن آلهتهم تشفع لهم عند الله تعالى.
﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ (٨٨) ﴾
اعلم أنه تعالى لما ذكر وعيد الذين كفروا، أتبعه بوعيد من ضم إلى كفره صد الغير عن سبيل الله.