وقال القرطبى :
قوله تعالى :﴿ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلِّ أُمَّةٍ شَهِيداً ﴾
نظيره :﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِن كُلِّ أمَّةٍ بِشَهِيدٍ ﴾ [ النساء : ٤١ ] وقد تقدّم.
﴿ ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ أي في الاعتذار والكلام ؛ كقوله :﴿ وَلاَ يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ ﴾ [ المرسلات : ٣٦ ].
وذلك حين تطبق عليهم جهنم، كما تقدّم في أوّل "الحجر" ويأتي.
﴿ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ﴾ يعني يسترضون، أي لا يكلفون أن يرضوا ربّهم ؛ لأن الآخرة ليست بدار تكليف، ولا يتركون إلى رجوع الدنيا فيتوبون.
وأصل الكلمة من العَتْب وهي المَوْجدة ؛ يقال : عَتَب عليه يعتُب إذا وجد عليه، فإذا فاوضه ما عَتَب عليه فيه قيل عاتبه، فإذا رجع إلى مسرّتك فقد أعتَب، والاسم العُتبى وهو رجوع المعتوب عليه إلى ما يُرضي العاتبَ ؛ قاله الهَروِيّ.
وقال النابغة :
فإن كنتُ مظلوماً فعبدا ظلمَته...
وإن كنتَ ذا عُتْبَى فمثلُكَ يُعْتِبُ
قوله تعالى :﴿ وَإِذَا رَأى الذين ظَلَمُواْ ﴾ أي أشركوا.
﴿ العذاب ﴾ أي عذاب جهنم بالدخول فيها.
﴿ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمْ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ ﴾ أي لا يمهلون ؛ إذ لا توبة لهم ثَمَّ.
قوله تعالى :﴿ وَإِذَا رَأى الذين أَشْرَكُواْ شُرَكَآءَهُمْ ﴾
أي أصنامهم وأوثانهم التي عبدوها ؛ وذلك أن الله يبعث معبوديهم فيتبعونهم حتى يُورِدوهم النار.
وفي صحيح مسلم :" من كان يعبد شيئاً فَلْيَتَّبِعْه فيتّبِع من كان يعبد الشمس الشمسَ ويتّبع من كان يعبد القمر القمرَ ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت " الحديث، خرجه من حديث أنس، والترمذي من حديث أبي هريرة، وفيه :" فيُمَثَّل لصاحب الصليب صليبُه ولصاحب التصاوير تصاويرُه ولصاحب النار نارُه فيتبعون ما كانوا يعبدون " وذكر الحديث.
﴿ قَالُواْ رَبَّنَا هؤلاءآء شُرَكَآؤُنَا الذين كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ ﴾ أي الذين جعلناهم لك شركاء.