وقال أبو السعود :
﴿ وَيَوْمَ نَبْعَثُ مِن كُلّ أُمَّةٍ شَهِيدًا ﴾
يشهد لهم بالإيمان والطاعةِ وعليهم بالكفر والعصيان وهو نبيها ﴿ ثُمَّ لاَ يُؤْذَنُ لِلَّذِينَ كَفَرُواْ ﴾ في الاعتذار إذ لا عذرَ لهم وثم للدَّلالة على أن ابتلأَهم بالمنع عن الاعتذار المنبىء عن الإقناط الكليِّ وهو عندما يقال لهم :﴿ اخسئوا فِيهَا وَلاَ تُكَلّمُونِ ﴾ أشدُّ من ابتلائهم بشهادة الأنبياء عليهم السلام عليهم وأطمُّ ﴿ وَلاَ هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ ﴾ يُسترضَون أي لا يقال لهم : ارضُوا ربكم إذ الآخرةُ دارُ الجزاء لا دارُ العمل، وانتصابُ الظرف بمحذوف تقديرُه اذكرْ أو خوِّفْهم يوم نبعث الخ، أو يوم نبعث بهم ما يحيق مما لا يوصف وكذا قوله تعالى :﴿ وَإِذَا رَأى الذين ظَلَمُواْ العذاب ﴾ الذي يستوجبونه بظلمهم وهو عذابُ جهنم ﴿ فَلاَ يُخَفَّفُ عَنْهُمُ ﴾ ذلك ﴿ وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ ﴾ أي يُمهلون كقوله تعالى :﴿ بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً فَتَبْهَتُهُمْ. ﴾ ﴿ وَإِذَا رَءا الذين أَشْرَكُواْ شُرَكَآءهُمْ ﴾ الذين كانوا يدعونهم في الدنيا وهم الأوثانُ أو الشياطينُ الذين شاركوهم في الكفر بالحمل عليه وقارنوهم في الغيّ والضلال ﴿ قَالُواْ رَبَّنَا هَؤُلآء شُرَكَآؤُنَا الذين كُنَّا نَدْعُوْا مِن دُونِكَ ﴾ أي نعبدهم أو نطيعهم ولعلهم قالوا ذلك طمعاً في توزيع العذابِ بينهم كما ينبىء عنه قوله سبحانه :﴿ فَأَلْقَوُاْ ﴾ أي شركاؤهم ﴿ إِلَيْهِمُ القول إِنَّكُمْ لكاذبون ﴾ فإن تكذيبهم إياهم فيما قالوا ليس إلا للمدافعة والتخلص عن غائلة مضمونه، وإنما كذبوهم وقد كانوا يعبدونهم ويطيعونهم لأن الأوثانَ ما كانوا راضين بعبادتهم لهم فكأن عبادتَهم لهم كما قالت الملائكةُ عليهم السلام :﴿ بَلْ كَانُواْ يَعْبُدُونَ الجن ﴾ يعنون أن الجنَّ هم الذين كانوا راضين بعبادتهم لا نحن أو كذبوهم في تسميتهم شركاءَ وآلهةً تنزيهاً لله سبحانه عن الشريك. والشياطينُ وإن كانوا راضين بعبادتهم لهم لكنهم لم يكونوا حاملين لهم على وجه