وقال الماوردى :
قوله عز وجل :﴿ إنّ الله يأمر بالعدل والإحسان... ﴾ الآية.
في تأويل هذه الآية ثلاثة أقاويل :
أحدها : أن العدل : شهادة أن لا إله إلا الله، والإحسان : الصبر على أمره ونهيه وطاعة الله في سره وجهره ﴿ وإيتاء ذي القربى ﴾ صلة الرحم، ﴿ وينهى عن الفحشاء ﴾ يعني الزنى، ﴿ والمنكر ﴾ القبائح. ﴿ والبغي ﴾ الكبر والظلم حكاه ابن جرير الطبري.
الثاني : أن العدل : القضاء بالحق، والإحسان : التفضل بالإنعام، وإيتاء ذي القربى : ما يستحقونه من النفقات. وينهى عن الفحشاء ما يستسر بفعله من القبائح. والمنكر : ما يتظاهر به منها فينكر. والبغي : منا يتطاول به من ظلم وغيره، وهذا معنى ما ذكره ابن عيسى.
الثالث : أن العدل ها هنا استواء السريرة والعلانية في العمل لله. والإحسان أن تكون سريرته أحسن من علانيته. والفحشاء والمنكر : أن تكون علانيته أحسن من سريرته، قاله سفيان بن عيينة. فأمر بثلاث ونهى عن ثلاث.
﴿ يعظكم لعلكم تذكرون ﴾ يحتمل وجهين : أحدهما : تتذكرون ما أمركم به وما نهاكم عنه.
الثاني : تتذكرون ما أعده من ثواب طاعته وعقاب معصيته.
قوله عز وجل :﴿ وأوفوا بعهد الله إذا عاهدتم ﴾
يحتمل ثلاثة أوجه :
أحدها : أنه النذور.
الثاني : ما عاهد الله عليه من عهد في طاعة الله.
الثالث : أنه التزام أحكام الدين بعد الدخول فيه.
﴿ ولا تنقضوا الأيمان بَعْدَ توكيدها ﴾ يحتمل ثلاثة أوجه :
أحدها : لا تنقضوها بالامتناع بعد توكيدها بالالتزام.
الثاني : لا تنقضوها بالعذر بعد توكيدها بالوفاء.
الثالث : لا تنقضوها بالحنث بعد توكيدها بالِبّر.
وفي هذه الآية ثلاثة أقاويل :
أحدها : أنها نزلت في بيعة النبي صلى الله عليه وسلم. الثاني : أنها نزلت في الحلف الذي كان في الجاهلية بين أهل الشرك، فجاء الإسلام بالوفاء به.
الثالث : أنها نزلت في كل عقد يمين عقده الإنسان على نفسه مختاراً يجب عليه الوفاء به ما لم تدع ضرورة إلى حله.


الصفحة التالية
Icon