قال القاضي أبو محمد : وهذا في كل ما كان الثبوت فيه على اليمين طاعة لله وما كان الانصراف عنه أصوب في الحق فهو الذي قاله فيه رسول الله ﷺ :" من حلف على يمين ثم رأى غيرها خيراً منها فليكفر عن يمينه وليأت الذي هو خير " ويقال تأكيد وتوكيد ووكد وأكد وهما لغتان، وقال الزجاج : الهمزة مبدلة من الواو.
قال القاضي أبو محمد : وهذا غير بين، لأنه ليس في وجوه تصريفه ما يدل على ذلك، و﴿ كفيلاً ﴾ معناه متكفلاً بوفائكم، وباقي الآية وعيد في ضمن خبر بعلم الله تعالى بأفعال عباده، وقالت فرقة : نزلت هذه الآية في الذين بايعوا رسول الله ﷺ على الإسلام، رواه أبو ليلى عن مزيدة، وقال قتادة ومجاهد وابن زيد : نزلت فيما كان من تحالف الجاهلية في أمر بمعروف أو نهي عن منكر، فزادها الإسلام شدة.
قال القاضي أبو محمد : كما قال ﷺ :" لا حلف في الإسلام وما كان من حلف في الجاهلية فلم يزده الإسلام إلا شدة "، وهذا حديث معنى، وإن كان السبب بعض هذه الأشياء، فألفاظ الآية عامة على جهة مخاطبة العالمين أجمعين.
﴿ وَلَا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ أَنْكَاثًا ﴾
شبهت هذه الآية الذي يحلف أو يعاهد أو يبرم عقدة بالمرأة التي تغزل غزلها وتفتله محكماً، وشبه الذي ينقض عهده بعد الإحكام بتلك الغازلة إذا نقضت قوى ذلك الغزل فحلته بعد إبرامه، ويروى أن امرأة حمقاء كانت بمكة تسمى ريطة بنت سعد كانت تفعل ذلك، فبها وقع التشبيه، قاله عبد الله بن كثير والسدي ولم يسميا المرأة، وقيل كانت امرأة موسوسة تسمى خطية تغزل عند الحجر وتفعل ذلك، وقال مجاهد وقتادة، ذلك ضرب مثل لا على امرأة معينة و﴿ أنكاثاً ﴾ نصب على الحال، والنكث النقض، و" القوة " في اللغة واحدة قوى الغزل والحبل، وغير ذلك مما يظفر، ومنه قول الأغلب الراجز :