قال النبيّ ﷺ :" يُنْصَب لكل غادر لواء يوم القيامة عند استه بقدر غَدْرته يقال هذه غدرة فلان " وأما اليمين بالله فقد شرع الله سبحانه فيها الكفارة بخصلة واحدة، وحلّ ما انعقدت عليه اليمين.
وقال ابن عمر : التوكيد هو أن يحلف مرتين، فإن حلف واحدة فلا كفارة فيه.
وقد تقدّم في المائدة.
قوله تعالى :﴿ وَلاَ تَكُونُواْ كالتي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثاً ﴾
النّقض والنّكث واحد، والاسم النكث والنقض، والجمع الأنكاث.
فشبَّهت هذه الآية الذي يحلف ويعاهد ويُبرم عهده ثم ينقضه بالمرأة تغزل غزلها وتفتِله مُحْكَماً ثم تَحُلّه.
ويروى أن امرأة حمقاء كانت بمكة تسمى رَيْطة بنت عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مُرَّة كانت تفعل ذلك، فبها وقع التشبيه ؛ قاله الفراء، وحكاه عبد الله بن كثير والسُّدِّي ولم يسمِّيا المرأة.
وقال مجاهد وقتادة : وذلك ضَرْبُ مثلٍ، لا على امرأة معيّنة.
و"أنكاثا" نصب على الحال.
والدَّخَل : الدَّغَل والخديعة والغش.
قال أبو عبيدة : كل أمر لم يكن صحيحاً فهو دَخَل.
﴿ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَى مِنْ أُمَّةٍ ﴾ قال المفسرون : نزلت هذه الآية في العرب الذين كانت القبيلة منهم إذا حالفت أخرى، ثم جاءت إحداهما قبيلة كثيرة قوية فداخلتها غدرت الأولى ونقضت عهدها ورجعت إلى هذه الكبرى قاله مجاهد فقال الله تعالى : لا تنقضوا العهود من أجل أن طائفة أكثر من طائفة أخرى أو أكثر أموالاً فتنقضون أيمانكم إذا رأيتم الكثرة والسعة في الدنيا لأعدائكم المشركين.
والمقصود النّهْي عن العَوْد إلى الكفر بسبب كثرة الكفار وكثرة أموالهم.
وقال الفراء : المعنى لا تغدِروا بقوم لقلتهم وكثرتكم أو لقلتكم وكثرتهم، وقد عززتموهم بالأيمان.
﴿ أَرْبَى ﴾ أي أكثر ؛ من رَبَا الشيء يربو إذا كثر.
والضمير في "به" يحتمل أن يعود على الوفاء الذي أمر الله به.


الصفحة التالية
Icon