وقال ابن عيينة في هذه الآية : العدل استواء السر والعلانية، والإحسان أن تكون سريرته أحسن من علانيته والفحشاء والمنكر البغي، أن تكون علانتيه أحسن من سريريته، وقال بعضهم : إن الله سبحانه وتعالى ذكر من المأمورات ثلاثة أشياء، ومن المنهيات ثلاثة أشياء، فذكر : العدل وهو الإنصاف، والمساواة في الأقوال والأفعال وذكر في مقابلته الفحشاء، وهي ما قبح من الأقوال والأفعال وذكر الإحسان، وهو أن تعفو عمن ظلمك وتحسن إلى من أساء إليك وذكر في مقابلته المنكر، وهو أن تنكر إحسان من أحسن إليك، وذكر إيتاء ذي القربى والمراد به صلة القرابة والتودد إليهم، والشفقة عليهم وذكر في مقابلته البغي، وهو أن يتكبر عليهم أو بظلمهم حقوقهم ثم قال تعالى ﴿ يعظكم لعلكم تذكرون ﴾ يعني إنما أمركم بما أمركم به ونهاكم عما نهاكم عنه، لكي تتعظوا وتتذكروا فتعملوا، بما فيه رضا الله تعالى.
قال ابن مسعود : إن أجمع آية في القرآن لخير وشر هذه الآية.
وقال أهل المعاني : لما قال الله تعالى في الآية الأولى، ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء بيَّن في هذه الآية المأمور به والمنهي عنه على سبيل الإجمال، فما من شيء يحتاج إليه الناس في أمر دينهم، مما يجب أن يؤتى أو يترك إلا وقد اشتملت عليه هذه الآية وروى عكرمة أن النبي ( ﷺ )، قرأ على الوليد بن المغيرة أنّ الله يأمر بالعدل إلى آخر والآية، فقال له :" يا ابن أخي أعد عليّ " فأعادها عليه فقال له الوليد : والله إن له لحلاوة، وإن عليه لطلاوة وإن أعلاه لمثمر وإن أسفله لمغدق وما هو بقول البشر.


الصفحة التالية
Icon