وإثبات كونه عالماً قادراً واجب الصفات فليس نفياً للصفات، ولا إثبات صفة حادثة متغيرة.
وكون فعل العبد بواسطة قدرته تعالى، والداعية التي جعلها فيه فليس جبراً محضاً، ولا استقلالاً بالفعل.
وكونه تعالى يخرج من النار من دخلها من أهل التوحيد، فليس إرجاء ولا تخليداً بالمعصية.
وأما أعمال الرعاة فالتكاليف اللازمة لهم، فليس قولاً بأنه لا تكليف، ولا قولاً بتعذيب النفس واجتناب ما يميل الطبع إليه من : أكل الطيب، والتزوج، ورمي نفسه من شاهق، والقصاص، أو الدية، أو العفو، فليس تشديداً في تعيين القصاص كشريعة موسى عليه السلام، ولا عفواً حتماً كشريعة عيسى عليه السلام، وتجنب الحائض في اجتناب وطئها فقط فليس اجتناباً مطلقاً كشريعة موسى عليه السلام، ولا حل وطئها حالة الحيض كشريعة عيسى عليه السلام، والاختتان فليس إبقاء للقلفة ولا قطعاً للآلة كما ذهب إليه المانوية.
وقال تعالى :﴿ وكذلك جعلناكم أمة وسطاً ﴾ ﴿ والذين إذا أنفقوا ﴾ ولا تجعل الآيتين.
ومن المشهور قولهم بالعدل : قامت السموات والأرض، ومعناه : إن مقادير العناصر لو لم تكن متعادلة، وكان بعضها أزيد، لغلب الازدياد وانقلبت الطبائع.
فالشمس لو قربت من العالم لعظمت السخونة واحترق ما فيه، ولو زاد بعدها لاستوى الحر والبرد.
وكذا مقادير حركات الكواكب، ومراتب سرعتها، وبطئها.
والإحسان : الزيادة على الواجب من الطاعات بحسب الكمية والكيفية، والدواعي، والصوارف، والاستغراق في شهود مقامات العبودية والربوبية.
ومن الإحسان الشفقة على الخلق، وأصلها صلة الرحم، والمنهي عنه ثلاثة.
وذلك أنه أودع في النفس البشرية قوى أربعة : الشهوانية وهي تحصيل اللذات، والغضبية وهي : إيصال الشر، ووهمية : وهي شيطانية تسعى في الترفع والتراوس على الناس.


الصفحة التالية
Icon