﴿ أنكاثا ﴾ جمع نكث بكسر النون وهو ما ينكث فتله وانتصابه قيل على أنه حال مؤكدة من ﴿ غزالها ﴾ وقيل : على أنه مفعول ثان لنقض لتضمنه معنى جعل، وجوز الزجاج كون النصب على المصدرية ﴿ لاِنْ نَقَضَتْ ﴾ بمعنى نكثت فو ملاق لعامله في المعنى.
وقال في "الكشف" : إن جعله مفعولاً على التضمين أولى من جعله حالاً أو مصدراً، وفي الإتيان به مجموعاً مبالغة وكذلك في حذف الموصوفة ليدل على الخرقاء الحمقاء وما أشبه ذلك، وفي "الكشاف" ما يشير إلى اعتبار التضمين حيث قال : أي لا تكونوا كالمرأة التي أنحت على غزلها بعد أن أحكمته فجعلته أنكاثاً، وفي قوله : أنحت على ما قال القطب إشارة ءلى أن ﴿ نَقَضَتْ ﴾ مجازاً عن أرادت النقض على حد قوله تعالى :﴿ إذا قمتم إلى الصلاة ﴾ [ المائدة : ٦ ] وذكر أنه فسر بذلك جمعاً بين القصد والفعل ليدل على حماقتها واستحقاقها اللوم بذلك فإن نقضها لو كان من غير قصد لم تستحق ذلك ولأن التشبيه كلما كان أكثر تفصيلاً كان أحسن، ولا يخفى ما في اعتبار التضمين وهذا المجاز من التكليف وكأنه لهذا قيل : إن اعتبار القصد لأن المتبارد من الفعل الاختياري وفي الكشف خرج ذلك المعنى من قوله تعالى :﴿ مِن بَعْدِ قُوَّةٍ ﴾ فإن نقض المبرم لا يكون إلا بعد انحاء بالغ وقصد تام ولم يرد بالموصول امرأة بعينها بل المراد من هذه صفته ففي الآية تشبيه حال الناقض بحال الناقض في أخس أحواله تحذيراً منه وأن ذلك ليس من فعل العقلاء وصاحبه داخل في عداد حمقى النساء، وقيل : المراد امرأة معلومة عند المخاطبين كانت تغزل فإذا برمت غزلها تنقضه وكانت تسمى خرقاء مكة، قال ابن الأنباري : كان اسمها ربطة بنت عمرو المرية تلقب الحفراء، وقال الكلبي ومقاتل : هي امرأة من قريش اسمها ربطة بنت سعد التيمي اتخذت مغزلاً قدر ذراع وصنارة مثل أبع وفلكة عظيمة على قدرها فكانت تغزل هي وجوارها من الغداة إلى الظهر ثم تأمرهن فينقضن ما غزلن.