فصل
قال الفخر :
﴿ وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ قَالُوا إِنَّمَا أَنْتَ مُفْتَرٍ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (١٠١) ﴾
اعلم أنه تعالى شرع من هذا الموضوع في حكاية شبهات منكري نبوة محمد صلى الله عليه وسلم.
وفيه مسائل :
المسألة الأولى :
قال ابن عباس رضي الله عنهما : كان إذا نزلت آية فيها شدة، ثم نزلت آية ألين منها تقول كفار قريش : والله ما محمد إلا يسخر بأصحابه، اليوم يأمر بأمر وغداً ينهى عنه، وإنه لا يقول هذه الأشياء إلا من عند نفسه، فأنزل الله تعالى قوله :﴿وَإِذَا بَدَّلْنَآ ءايَةً مَّكَانَ ءايَةٍ﴾ ومعنى التبديل، رفع الشيء مع وضع غيره مكانه.
وتبديل الآية رفعها بآية أخرى غيرها، وهو نسخها بآية سواها، وقوله :﴿والله أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ﴾ اعتراض دخل في الكلام، والمعنى : والله أعلم بما ينزل من الناسخ والمنسوخ والتغليظ والتخفيف، أي هو أعلم بجميع ذلك في مصالح العباد، وهذا توبيخ للكفار على قوله :﴿إِنَّمَا أَنتَ مُفْتَرٍ﴾ أي إذا كان هو أعلم بما ينزل فما بالهم ينسبون محمد ﷺ إلى الافتراء لأجل التبديل والنسخ، وقوله :﴿بَلْ أَكْثَرُهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ﴾ أي لا يعلمون حقيقة القرآن وفائدة النسخ والتبديل وأن ذلك لمصالح العباد كما أن الطبيب يأمر المريض بشربة، ثم بعد مدة ينهاه عنها، ويأمره بضد تلك الشربة، وقوله :﴿قُلْ نَزَّلَهُ رُوحُ القدس مِن رَّبِّكَ﴾ تفسير روح القدس مر ذكره في سورة البقرة.