وقال الخازن :
قوله سبحانه وتعالى ﴿ وإذا بدلنا آية مكان آية والله أعلم بما ينزل ﴾
وذلك أن المشركين من أهل مكة قالوا : إن محمداً يسخر بأصحابه يأمرهم اليوم بأمر وينهاهم عنه غداً، ماهو إلا مفترٍ يتقوله من تلقاء نفسه فأنزل الله هذه الآية.
والمعنى : وإذا نسخنا حكم آية فأبدلنا مكانه حكماً آخر والله أعلم بما ينزل اعتراض دخل في الكلام، والمعنى والله أعلم بما ينزل من الناسخ وبما هو أصلح لخلقه، وبما يغير ويبدل من أحكامه أي هو أعلم بجميع ذلك مما هو من مصالح عباده، وهذا نوع من توبيخ وتقريع للكفار على قولهم للنبي ( ﷺ ) وهو قوله تعالى ﴿ قالوا إنما أنت مفتر ﴾ أي تختلقه من عندك، والمعنى : إذا كان الله تعالى أعلم بما ينزل فما بالهم ينسبون محمداً إلى الافتراء والكذب لأجل التبديل والنسخ؟ وإنما فائدة ذلك ترجع إلى مصالح العباد، كما يقال : إن الطبيب يأمر المريض بشرب دواء ثم بعد ذلك ينهاه عنه ويأمر بغيره لما يرى فيه من المصلحة ﴿ بل أكثرهم لا يعلمون ﴾ يعني لا يعلمون فائدة الناسخ وتبديل النسوخ ﴿ قل ﴾ أي قل لهم يا محمد ﴿ نزله ﴾ يعني القرآن ﴿ روح القدس ﴾ يعني جبريل ( ﷺ ) أضيف إلى القدس وهو الطهر كما يقال حاتم الجود وطلحة الخير، والمعنى الروح المقدس المطهر ﴿ من ربك ﴾ يعني أن جبريل نزل بالقرآن من ربك يا محمد ﴿ بالحق ليثبت الذين آمنوا ﴾ يعني ليثبت بالقرآن قلوب المؤمنين فيزدادوا إيماناً ويقيناً ﴿ وهدى وبشرى ﴾ يعني وهو هدى وبشرى ﴿ للمسلمين ﴾. أ هـ ﴿تفسير الخازن حـ ٤ صـ ﴾