أما الأكثرون من علماء الصحابة والتابعين فقد اتفقوا على أن الاستعاذة مقدمة على القراءة، وقالوا : معنى الآية إذا أردت أن تقرأ القرآن فاستعذ، وليس معناه استعذ بعد القراءة، ومثله إذا أكلت فقل :﴿بِسْمِ اللَّهِ﴾ وإذا سافرت فتأهب، ونظيره قوله تعالى :﴿إِذَا قُمْتُمْ إلى الصلاة فاغسلوا﴾ [ المائدة : ٦ ] أي إذا أردتم القيام إلى الصلاة فاغسلوا، وأيضاً لما ثبت أن الشيطان ألقى الوسوسة في أثناء قراءة الرسول بدليل قوله تعالى :﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِىّ إِلاَّ إِذَا تمنى أَلْقَى الشيطان فِى أُمْنِيَّتِهِ﴾ [ الحج : ٥٢ ] ومن الظاهر أنه تعالى إنما أمر الرسول بالاستعاذة عند القراءة لدفع تلك الوساوس، فهذا المقصود إنما يحصل عند تقديم الإستعاذة.
المسألة الرابعة : مذهب عطاء : أنه تجب الاستعاذة عند قراءة القرآن سواء كانت القراءة في الصلاة أو غيرها، وسائر الفقهاء اتفقوا على أنه ليس كذلك، لأنه لا خلاف بينهم أنه إن لم يتعوذ قبل القراءة في الصلاة، فصلاته ماضية، وكذلك حال القراءة في غير الصلاة لكن حال القراءة في الصلاة آكد.
المسألة الخامسة : المراد بالشيطان في هذه الآية قيل إبليس، والأقرب أنه للجنس، لأن لجميع المردة من الشياطين حظاً في الوسوسة.