وقرأ حمزة والكسائي :﴿يُلْحِدُونَ﴾ بفتح الياء والحاء، والباقون بضم الياء وكسر الحاء قال الواحدي : والأولى ضم الياء لأنه لغة القرآن، والدليل عليه قوله :﴿وَمَن يُرِدْ فِيهِ بِإِلْحَادٍ بِظُلْمٍ﴾ [ الحج : ٢٥ ] والإلحاد قد يكون بمعنى الإمالة، ومنه يقال : ألحدت له لحداً إذا حفرته في جانب القبر مائلاً عن الاستواء وقبر ملحد وملحود، ومنه الملحد لأنه أمال مذهبه عن الأديان كلها لم يمله عن دين إلى دين آخر وفسر الإلحاد في هذه الآية بالقولين : قال الفراء : يميلون من الميل، وقال الزجاج : يميلون من الإمالة، أي لسان الذين يميلون القول إليه أعجمي، وأما قوله :﴿أَعْجَمِىٌّ﴾ فقال أبو الفتح الموصلي : تركيب ع ج م وضع في كلام العرب للإبهام والإخفاء، وضد البيان والإيضاح، ومنه قولهم : رجل أعجم وامرأة عجماء إذا كانا لا يفصحان، وعجم الذنب سمي بذلك لاستتاره واختفائه، والعجماء البهيمة لأنها لا توضح ما في نفسها، وسموا صلاتي الظهر والعصر عجماوين، لأن القراءة حاصلة فيهما بالسر لا بالجهر، فأما قولهم : أعجمت الكتاب فمعناه أزلت عجمته، وأفعلت قد يأتي والمراد منه السلب كقولهم : أشكيت فلاناً إذا أزلت ما يشكوه، فهذا هو الأصل في هذه الكلمة، ثم إن العرب تسمي كل من لا يعرف لغتهم ولا يتكلم بلسانهم أعجم وأعجمياً.
قال الفراء وأحمد بن يحيى : الأعجم الذي في لسانه عجمة وإن كان من العرب، والأعجمي والعجمي الذي أصله من العجم قال أبو علي الفارسي : الأعجم الذي لا يفصح سواء كان من العرب أو من العجم، ألا ترى أنهم قالوا : زيادة الأعجم لأنه كانت في لسانه عجمة مع أنه كان عربياً، وأما معنى العربي واشتقاقه فقد ذكرناه عند قوله :
﴿الأعراب أَشَدُّ كُفْرًا وَنِفَاقًا﴾ [ التوبة : ٩٧ ] وقال الفراء والزجاج : في هذه الآية يقال عرب لسانه عرابة وعروبة هذا تفسير ألفاظ الآية.


الصفحة التالية
Icon