قَالَ أَبُو بَكْرٍ : قَوْلُهُ :﴿ فَإِذَا قَرَأْت الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ ﴾ يَقْتَضِي ظَاهِرُهُ أَنْ تَكُونَ الِاسْتِعَاذَةُ بَعْدَ الْقِرَاءَةِ، كَقَوْلِهِ :﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ الصَّلَاةَ فَاذْكُرُوا اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا ﴾ وَلَكِنَّهُ قَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعَنْ السَّلَفِ الَّذِينَ ذَكَرْنَاهُمْ الِاسْتِعَاذَةُ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ. وَقَدْ جَرَتْ الْعَادَةُ بِإِطْلَاقِ مِثْلِهِ.
وَالْمُرَادُ إذَا أَرَدْت ذَلِكَ كَقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا ﴾ وَقَوْلِهِ :﴿ وَإِذَا
سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ﴾ وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنْ تَسْأَلَهَا مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ بَعْدَ سُؤَالٍ مُتَقَدِّمٍ، وَكَقَوْلِهِ تَعَالَى :﴿ إذَا نَاجَيْتُمْ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً ﴾ وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ ﴿ فَإِذَا قَرَأْت الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاَللَّهِ ﴾ مَعْنَاهُ : إذَا قَرَأْت فَقَدِّمْ الِاسْتِعَاذَةَ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ، وَحَقِيقَةُ مَعْنَاهُ : إذَا أَرَدْت الْقِرَاءَةَ فَاسْتَعِذْ، وَكَقَوْلِ الْقَائِلِ : إذَا قُلْت فَاصْدُقْ وَإِذَا أَحْرَمْت فَاغْتَسِلْ يَعْنِي قَبْلَ الْإِحْرَامِ، وَالْمَعْنَى فِي جَمِيعِ ذَلِكَ إذَا أَرَدْت ذَلِكَ كَذَلِكَ قَوْلُهُ :﴿ فَإِذَا قَرَأْت الْقُرْآنَ ﴾ مَعْنَاهُ : إذَا أَرَدْت قِرَاءَتَهُ.