فَإِنْ قِيلَ : وَمَا الْفَائِدَةُ فِي الِاسْتِعَاذَةِ مِنْ الشَّيْطَانِ وَقْتَ الْقِرَاءَةِ ؟ وَهِيَ : الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ : قُلْنَا : فَائِدَتُهُ امْتِثَالُ الْأَمْرِ ؛ وَلَيْسَ لِلشَّرْعِيَّاتِ فَائِدَةٌ إلَّا الْقِيَامُ بِحَقِّ الْوَفَاءِ فِي امْتِثَالِهَا أَمْرًا، أَوْ اجْتِنَابِهَا نَهْيًا.
وَقَدْ قِيلَ : فَائِدَتُهَا الِاسْتِعَاذَةُ مِنْ وَسَاوِسِ الشَّيْطَانِ عِنْدَ الْقِرَاءَةِ، كَمَا قَالَ تَعَالَى :﴿ وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إلَّا إذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أَمْنِيَّتِهِ ﴾ يَعْنِي فِي تِلَاوَتِهِ.
وَقَدْ بَيَّنَّا
ذَلِكَ فِي جُزْءِ تَنْبِيهِ الْغَبِيِّ عَلَى مِقْدَارِ النَّبِيِّ.
الْمَسْأَلَةُ الثَّالِثَةُ :﴿ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا افْتَتَحَ الْقِرَاءَةَ فِي الصَّلَاةِ كَبَّرَ، ثُمَّ يَقُولُ : سُبْحَانَك اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِك، وَتَبَارَكَ اسْمُك، وَتَعَالَى جَدُّك، وَلَا إلَهَ غَيْرُك، ثُمَّ يَقُولُ : لَا إلَهَ إلَّا أَنْتَ، ثَلَاثًا.
ثُمَّ يَقُولُ : اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا، ثَلَاثًا، أَعُوذُ بِاَللَّهِ السَّمِيعِ الْعَلِيمِ مِنْ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ، مِنْ هَمْزِهِ وَنَفْخِهِ وَنَفْثِهِ ﴾
، ثُمَّ يَقْرَأُ.
هَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَغَيْرُهُ، وَاللَّفْظُ لَهُ.
وَعَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ ﴿ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يَتَعَوَّذُ فِي صَلَاتِهِ قَبْلَ الْقِرَاءَةِ ﴾، وَهَذَا نَصٌّ فِي الرَّدِّ عَلَى مَنْ يَرَى الْقِرَاءَةَ قَبْلَ الِاسْتِعَاذَةِ بِمُطْلَقِ ظَاهِرِ اللَّفْظِ.
وَقَالَ مَالِكٌ : لَا يَتَعَوَّذُ فِي الْفَرِيضَةِ، وَيَتَعَوَّذُ فِي النَّافِلَةِ، وَفِي رِوَايَةٍ : فِي قِيَامِ رَمَضَانَ.


الصفحة التالية
Icon