ولما كان ذلك ربما هو أوهم تعظيمه، نفى ذلك بقوله جواباً لمن كأنه قال : هل له سلطان؟ :﴿إنه ليس له سلطان﴾ أي بحيث لا يقدر المسلط عليه على الانفكاك عنه ﴿على الذين ءامنوا﴾ بتوفيق ربهم لهم ﴿وعلى ربهم﴾ أي وحده ﴿يتوكلون﴾ ويجوز أن يكون المعنى أنه لما تقرر في الأذهان أنه لا نجاة من الشيطان، لأنه سلط علينا بأنه يرانا من حيث لا نراه ويجري فينا مجرى الدم، وكانت فائدة الاستعاذة الإعاذة، أشير إلى حصولها بقوله على سبيل التعليل " إنه " أي استعذ بالله يعذك منه، لأنه ليس له سلطان على الذين آمنوا بالله ليردهم كلهم عما يرضي الله، وعلى ربهم وحده يتوكلون، ثم وصل بذلك ما أفهمه من أن له سلطاناً على غيرهم فقال تعالى :﴿إنما سلطانه﴾ أي الذي يتمكن به غاية التمكن بإمكان الله له ﴿على الذين يتولونه﴾ أي تولوه وأصروا على ذلك بتجديد ولايته كل حين ﴿والذين هم﴾ أي بظواهرهم وبواطنهم ﴿به﴾ أي بالشيطان ﴿مشركون﴾ دائماً لأنهم إذا تبعوا وساوسه، وأطاعوا أوامره فقد عبدوه فجعلوه بذلك شريكاً، فهم لا يتأملون دقائق القرآن بل ولا يفهمون ظواهره على ما هي عليه لما أعماهم به الشيطان من وساوسه، وحبسهم به عن هذه الأساليب من محابسه، فهم لا يزالون يطعنون فيه بقلوب عمية وألسنة بذية. أ هـ ﴿نظم الدرر حـ ٤ صـ ٣٠٩ ـ ٣١١﴾


الصفحة التالية
Icon