قال الحسن : هؤلاء الذين هاجروا من المؤمنين كانوا بمكة، فعرضت لهم فتنة فارتدوا وشكوا في الرسول ﷺ ثم إنهم أسلموا وهاجروا فنزلت هذه الآية فيهم، وقيل : نزلت في عبد الله بن سعد بن أبي سرح ارتد، فلما كان يوم الفتح أمر النبي ﷺ بقتله فاستجار له عثمان فأجاره رسول الله ﷺ ثم إنه أسلم وحسن إسلامه، وهذه الرواية إنما تصح لو جعلنا هذه السورة مدنية أو جعلنا هذه الآية منها مدنية، ويحتمل أن يكون المراد أن أولئك الضعفاء المعذبين تكلموا بكلمة الكفر على سبيل التقية، فقوله :﴿مِن بَعْدِ مَا فُتِنُواْ﴾ يحتمل كل واحد من هذه الوجوه الأربعة، وليس في اللفظ ما يدل على التعيين.
إذا عرفت هذا فنقول : إن كانت هذه الآية نازلة فيمن أظهر الكفر، فالمراد أن ذلك مما لا إثم فيه، وأن حاله إذا هاجر وجاهد وصبر كحال من لم يكره، وإن كانت واردة فيمن ارتد فالمراد أن التوبة والقيام بما يجب عليه يزيل ذلك العقاب ويحصل له الغفران والرحمة، فالهاء في قوله :﴿مِن بَعْدِهَا﴾ تعود إلى الأعمال المذكورة فيما قبل، وهي الهجرة والجهاد والصبر. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٠ صـ ٩٦ ـ ١٠١﴾


الصفحة التالية
Icon