فصل


قال الفخر :
﴿ مَنْ كَفَرَ بِاللَّهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ ﴾
اعلم أنه تعالى لما عظم تهديد الكافرين ذكر في هذه الآية تفصيلاً في بيان من يكفر بلسانه لا بقلبه، ومن يكفر بلسانه وقلبه معاً، وفي الآية مسائل :
المسألة الأولى :
قوله :﴿مَن كَفَرَ بالله مِن بَعْدِ إيمانه﴾ مبتدأ خبره غير مذكور، فلهذا السبب اختلف المفسرون وذكروا فيه وجوهاً : الأول : أن يكون قوله :﴿مَن كَفَرَ﴾ بدلاً من قوله :﴿الذين لاَ يُؤْمِنُونَ بآيات الله﴾ والتقدير : إنما يفتري من كفر بالله من بعد إيمانه، واستثنى منهم المكره فلم يدخل تحت حكم الافتراء، وعلى هذا التقدير : فقوله :﴿وَأُوْلئِكَ هُمُ الكاذبون﴾ اعتراض وقع بين البدل والمبدل منه.
الثاني : يجوز أيضاً أن يكون بدلاً من الخبر الذي هو الكاذبون، والتقدير : وأولئك هم من كفر بالله من بعد إيمانه، والثالث : يجوز أن ينتصب على الذم، والتقدير : وأولئك هم الكاذبون، أعني من كفر بالله من بعد إيمانه وهو أحسن الوجوه عندي وأبعدها عن التعسف، والرابع : أن يكون قوله :﴿مَن كَفَرَ بالله مِن بَعْدِ إيمانه﴾ شرطاً مبتدأ ويحذف جوابه، لأن جواب الشرط المذكور بعده يدل على جوابه كأنه قيل : من كفر بالله من بعد إيمانه فعليهم غضب من الله إلا من أكره : ولكن من شرح بالكفر صدراً فعليهم غضب من الله.
المسألة الثانية :
أجمعوا على أنه لا يجب عليه التكلم بالكفر يدل عليه وجوه : أحدها : أنا روينا أن بلالاً صبر على ذلك العذاب، وكان يقول : أحد أحد.


الصفحة التالية