قال الفراء : ولم يقل بما صنعت، ومثله في القرآن كثير، ومنه قوله تعالى :﴿فَجَاءهَا بَأْسُنَا بياتا أَوْ هُمْ قَائِلُونَ﴾ [ الأعراف : ٤ ] ولم يقل قائلة، وتحقيق الكلام أنه تعالى وصف القرية بأنها مطمئنة يأتيها رزقها رغداً فكفرت بأنعم الله، فكل هذه الصفات، وإن أجريت بحسب اللفظ على القرية، إلا أن المراد في الحقيقة أهلها، فلا جرم قال في آخر الآية :﴿بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ﴾، والله أعلم.
﴿ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ رَسُولٌ مِنْهُمْ فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ الْعَذَابُ وَهُمْ ظَالِمُونَ (١١٣) ﴾
اعلم أنه تعالى لما ذكر المثل ذكر الممثل فقال :﴿وَلَقَدْ جَآءَهُمْ﴾ يعني أهل مكة ﴿رَسُولٌ مِّنْهُمْ﴾ يعني من أنفسهم يعرفونه بأصله ونسبه ﴿فَكَذَّبُوهُ فَأَخَذَهُمُ العذاب﴾ قال ابن عباس رضي الله عنهما : يعني الجوع الذي كان بمكة.
وقيل : القتل يوم بدر، وأقول قول ابن عباس أولى لأنه تعالى قال بعده :﴿فَكُلُواْ مِمَّا رَزَقَكُمُ الله إِن كُنتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ﴾. أ هـ ﴿مفاتيح الغيب حـ ٢٠ صـ ١٠١ ـ ١٠٤﴾