قال : فيضرب الله لهما مثلاً أعمى ومُقْعداً دخلا بستاناً فيه ثمار، فالأعمى لا يبصِر الثمرة والمُقْعد لا ينالها، فنادى المقعدُ الأعمى ايتني فاحملني آكل وأطعِمك، فدنا منه فحمله، فأصابوا من الثمرة ؛ فعلى من يكون العذاب؟ قالا : عليهما قال : عليكما جميعاً العذاب ؛ ذكره الثعلبي.
قوله تعالى :﴿ وَضَرَبَ الله مَثَلاً قَرْيَةً ﴾
هذا متصل بذكر المشركين.
وكان رسول الله ﷺ دعا على مشركي قريش وقال :" اللَّهُمّ اشدد وطأتك على مُضَرَ واجعلها عليهم سِنينَ كِسنِي يوسف " فابتُلُوا بالقحط حتى أكلوا العظام، ووجّه إليهم رسول الله ﷺ طعاماً ففرّق فيهم.
﴿ كَانَتْ آمِنَةً ﴾ لا يُهاج أهلها.
﴿ يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَداً مِّن كُلِّ مَكَانٍ ﴾ من البر والبحر ؛ نظيره ﴿ يجبى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [ القصص : ٥٧ ] الآية.
﴿ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ الله ﴾ الأنعم : جمع النِّعمة ؛ كالأَشُدّ جمع الشِّدة.
وقيل : جمع نُعْمَى ؛ مثل بؤسى وأبؤس.
وهذا الكفران تكذيب بمحمد صلى الله عليه وسلم.
﴿ فَأَذَاقَهَا الله ﴾ أي أذاق أهلها.
﴿ لِبَاسَ الجوع والخوف ﴾ سماه لباساً لأنه يظهر عليهم من الهزال وشحوبة اللون وسوء الحال ما هو كاللباس.
﴿ بِمَا كَانُواْ يَصْنَعُونَ ﴾ أي من الكفر والمعاصي.
وقرأه حفص بن غياث ونصر بن عاصم وابن أبي إسحاق والحسن وأبو عمرو فيما روى عنه عبد الوارث وعبيد وعباس "والخوفَ" نصبا بإيقاع أذاقها عليه، عطفاً على "لباسَ الجوعِ" أي أذاقها الله لباس الجوع وأذاقها الخوف.
وهو بعث النبيّ ﷺ سراياه التي كانت تُطيف بهم.
وأصل الذوق بالفم ثم يستعار فيوضع موضع الابتلاء.
وضرب مكة مثلاً لغيرها من البلاد ؛ أي أنها مع جوار بيت الله وعمارة مسجده لمّا كفر أهلها أصابهم القَحْط فكيف بغيرها من القرى.