المسألة الأولى - يؤخذ من هذه الآية حكم مسألةالظفرن وهي أنك إن ظلمت إنسان : بأن أخذ شيئاً من مالك بغير الوجه الشرعي ولم يمكن لك إثباته، وقدرت له على مثل ما ظلمك به على وجه تأمن معه الفضيحة والعقوبة. فهل لك أن تأخذ قدر حقك أو لا؟
أصح القولين، وأجراهما على ظواهر النصوص وعلى القياس : ان لك أن تأخذ قدر حقك من غير زيادة. لقوله تعالى في هذه الآية :﴿ فَعَاقِبُواْ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ﴾ الآية، وقوله :﴿ فاعتدوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعتدى عَلَيْكُمْ ﴾ [ البقرة : ١٩٤ ].
وممن قال بهذا القول : ابن سرين وإبراهيم النخعين وسفيان ومجاهد، وغيرهم.
وقالت طائفة من العلماء منهم مالك : لا يجوز ذلك. وعليه خليل بن إسحاق المالكي في مختصره بقوله في الوديعة : وليس له الأخذ منها لمن ظلمه بمثلها.
واحتج من قال بهذا القول بحديث " أدِّ الأمانة إلى من ائتمنك. ولا تخن من خانك " اه. وهذا الحديث على فرض صحته لا ينهض الاستدلال به. لأن من أخذ قدر حقه ولم يزد عليه لم يخن من خانهن وإنما أنصف نفسه ممن ظلمه.
المسألة الثانية - أخذ بعض العلماء من هذه الاية الكريمة اللماثلة في القصاص. فمن قتل بحدية قتل بها، ومن قتل بحجر قتل به. ويؤيده " رضه ﷺ رأس يهودي بين حجرين قصاصاً لجارية فعل بها مثل ذلك ".
وهذا قول أكثر أهل العلم خلافاً لأبي حنيفة ومن وافقه، زاعماً أن القتل بغير المحدد شبه عمد، لا عمد صريح حتى يجب فيه القصاص. وسيأتي لهذا إن شاء الله تعالى زيادة إيضاح في سورة الإسراء.
المسألة الثالثة : أطلق جل وعلا في هذه الآية الكريمة اسم العقوبة على الجناية الأولى في قوله :﴿ بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ ﴾ والجناية الأولى ليست عقوبة.
لأن القرآن بلسان عربي مبين. ومن أساليب اللغة العربية المشاكلة بين الألفاظ. فيؤدي لفظ بغير معناه الموضوع له شاكلة للفظ آخر مقترن به في الكلام. كقول الشاعر :