وقال الشيخ سيد قطب :
مقدمة سورة الإسراء
هذه السورة - سورة الإسراء - مكية، وهي تبدأ بتسبيح الله وتنتهي بحمده ; وتضم موضوعات شتى معظمها عن العقيدة ; وبعضها عن قواعد السلوك الفردي والجماعي وآدابه القائمة على العقيدة ; إلى شيء من القصص عن بني إسرائيل يتعلق بالمسجد الأقصى الذي كان إليه الإسراء. وطرف من قصة آدم وإبليس وتكريم الله للإنسان.
ولكن العنصر البارز في كيان السورة ومحور موضوعاتها الأصيل هو شخص الرسول ( ﷺ ) وموقف القوم منه في مكة. وهو القرآن الذي جاء به، وطبيعة هذا القرآن، وما يهدي إليه، واستقبال القوم له. واستطرادا بهذه المناسبة إلى طبيعة الرسالة والرسل، وإلى امتياز الرسالة المحمدية بطابع غير طابع الخوارق الحسية وما يتبعها من هلاك المكذبين بها. وإلى تقرير التبعة الفردية في الهدى والضلال الاعتقادي، والتبعة الجماعية في السلوك العملي في محيط المجتمع.. كل ذلك بعد أن يعذر الله - سبحانه - إلى الناس، فيرسل إليهم الرسل بالتبشير والتحذير والبيان والتفصيل (وكل شيء فصلناه تفصيلا).
ويتكرر في سياق السورة تنزيه الله وتسبيحه وحمده وشكر آلائه. ففي مطلعها: (سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى...)وفي أمر بني إسرائيل بتوحيد الله يذكرهم بأنهم من ذرية المؤمنين مع نوح (إنه كان عبدا شكورا).. وعند ذكر دعاوي المشركين عن الآلهة يعقب بقوله: (سبحانه وتعالى عما يقولون علوا كبيرا، تسبح له السماوات السبع والأرض ومن فيهن، وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم).. وفي حكاية قول بعض أهل الكتاب حين يتلى عليهم القرآن:(ويقولون: سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا).. وتختم السورة بالآية (وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا، ولم يكن لهشريك في الملك، ولم يكن له ولي من الذل، وكبره تكبيرا).