أحدهما : يعني من الحرم، والحرم كله مسجد. وكان ﷺ حين أُسرى به نائماً في بيت أم هانىء بنت أبي طالب، روى ذلك أبو صالح عن أم هانىء.
الثاني : أنه أسرى به من المسجد، وفيه كان حين أسري به روى ذلك أنس بن مالك. ثم اختلفوا في كيفية إسرائه على قولين :
أحدهما : أنه أسريَ بجسمه وروحه، روى ذلك ابن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو هريرة وحذيفة بن اليمان.
واختلف قائلو ذلك هل دخل بيت المقدس وصلى فيه أم لا، فروى أبو هريرة أنه صلى فيه بالأنبياء، ثم عرج به إلى السماء، ثم رجع به الى المسجد الحرام فصلى فيه صلاة الصبح من صبيحة ليلته.
وروى حذيفة بن اليمان أنه لم يدخل بيت المقدس ولم يُصلّ فيه ولا نزل عن البراق حتى عرج به، ثم عاد إلى ملكه.
والقول الثاني : أن النبي صلى الله عليه السلام أسري بروحه ولم يسر بجسمه، روى ذلك عن عائشة رضي الله عنها قالت : ما فُقِدَ جَسَدُ رسول الله ﷺ، ولكن الله أسرى بروحه.
وروي عن معاوية قال : كانت رؤيا من الله تعالى صادقة، وكان الحسن يتأول قوله تعالى ﴿ وما جَعَلنا الرؤيا التي أريناك إلاّ فتنةً للناس ﴾ [ الإسراء : ٦٠ ] أنها في المعراج، لأن المشركين كذبوا ذلك وجعلوا يسألونه عن بيت المقدس وما رأى في طريقه فوصفه لهم، ثم ذكر لهم أنه رأى في طريقه قعباً مغطى مملوءاً ماء، فشرب الماء ثم غطاه كما كان، ثم ذكر لهم صفة إبل كانت لهم في طريق الشام تحمل متاعاً، وأنها تقدُم يوم كذا مع طلوع الشمس، يقدمها جمل أورق ؛ فخرجوا في ذلك اليوم يستقبلونها، فقال قائل منهم : هذه والله الشمس قد أشرقت ولم تأت، وقال آخر : هذه والله العير يقدُمها جمل أورق كما قال محمد. وفي هذا دليل على صحة القول الأول أنه أسرى بجسمه وروحه.


الصفحة التالية
Icon