وقد اقترح المشركون على النبى ـ ﷺ ـ أن يرقى فى السماء، فجاء الجواب من عند الله :(قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا). فلما رقى فى السماء بعد، لم يذكر قط أن ذلك رد على التحدى أو إجابة على الاقتراح السابق بل كان الأمر ـ كما قلنا ـ محض تكريم ومزيد إعلام من الله لعبده. إكمال البناء وفى قصة الإسراء والمعراج تلمح أواصر القربى بين الأنبياء كافة، وهذا المعنى من أصول الإسلام. (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق بين أحد من رسله). والتحيات المتبادلة بين النبى وإخوته السابقين توثق هذه الآصرة. ففى كل سماء أحل الله فيها أحد رسله، كان النبى يستقبل فيها بهذه الكلمة : مرحبا بالأخ الصالح! والخلاف بين الأنبياء وهم صنعته الأم الجائرة عن السبيل السوى أو بالأحرى صنعه الكهان والمتاجرون بالأديان. أما محمد، فقد أظهر أنه مرسل لتكملة البناء الذى تعهده من سبقوه، ومنع الزلازل من تصعيده. قال رسول الله ـ ﷺ ـ :" مثلى ومثل الأنبياء من قبلى كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأجمله إلا موضع لبنة من زاوية من زواياه، فجعل الناس يطوفون به ويعجبون له ! ويقولون هل وضعت هذه اللبنة؟ فأنا تلك اللبنة وأنا خاتم النبيين ". والأديان المعتمدة على الوحى السماوى معروفة، وليس منها ـ بداهة ـ ما اصطنعه الناس لأنفسهم من أوثان وطقوس كالبرهمية والبوذية وغيرهما، وليس منها كذلك ما ابتدع ـ أخيرا ـ من نحل احتضنها الاستعمار الغربى وكثر الأنصار حولها، ليشدد الخناق على مقاتل الشرق، ويعوق المسلمين الأحرار عن حطم قيوده، وإنقاذ عبيده وذلك كالبهائية والقاديانية. ومن الممكن ـ لو خلصت النيات ونشد الحق ـ أن توضع أسس عادلة لوحدة دينية، تقوم على احترام المبادئ المشتركة وإبعاد الهوى عن استغلال الفروق الأخرى، إلى أن تزول على الزمن، أو تنكسر حدتها. والإسلام الذى تعد